مقالات

في القراءة

بقلم دكتور علي زين العابدين الحسيني

لعلّ أسوأ ما يُصاب به المرء أن يقرأ عند الحاجة فقط؛ كأن يقرأ ليُعد محاضرة، أو ليكتب مقالًا، أو ليؤلف بحثًا؛ فهذا في الحقيقة لا يقرأ، وإنما يدور مع حاجته حيث دارت، ولن يكون بهذا قارئًا واعيًا.

فالوعي لا يُدرك إلا حين تقرأ لأنك تريد أن تقرأ، لا لأنك تبحث عن فائدة آنية، أو تُشترط لنفسك منفعة حاضرة. والعادة قضت أن القراءة التي لا تُقيَّد بعائدٍ فوري هي وحدها التي تُثمر في العمق. ولهذا صار هذا النمط من القراء نادرًا، فمعظم من يقرأ اليوم لا يصبر على المعرفة لنفسها، وإنما يسارع إلى نشرها بأي طريقة: بحكاية، بخاطرة، بمنشور… لسان حاله يقول: “لقد قرأت، فدعوني أُخبركم”.

وقد أدركتُ أستاذي الكبير #محمد_رجب_البيومي يقرأ أكثر من أربع عشرة ساعة يوميًا حتى آخر عمره، ولا أحسبه محتاجًا لكل هذه الساعات. فقد كان الرجل خريج الأزهر الشريف في عظيم وقته، وتلقى العلم في جامعة الإسكندرية، وتردد على أساتذة المدرستين الأزهرية والمصرية، وتكوينه العلمي غنيٌّ لا يحتاج إلى هذا الاجتهاد اليومي الشاق.

لكنّه كان قد امتهن مهنة القراءة. تحوّلت عنده إلى صناعة يومية، لا يمكن التخلّي عنها، ولا استراحة منها. وكانت قراءته منهجية لا مرتجلة، شاملة لا مبتورة؛ يفتتح مثلًا قراءة مجلة “الرسالة”، فلا يتركها حتى يُتمّها، عددًا بعد عدد، وصفحة بعد صفحة.

أما نحن، فكثيرًا ما نقرأ قراءة عوراء، مرتجلة، متقطعة، خاضعة للظرف والوقت والهوى. ومع ازدحام الحياة ومشاغلها يبتعد المرء عن القراءة شيئًا فشيئًا، حتى يكتفي… ولا يدري أنه إن اكتفى منها، فقد اكتفى من الحياة ذاتها!

أسوأ ما يُصاب به المرء أن يقرأ عند الحاجة فقط؛ كأن يقرأ ليُعد محاضرة، أو ليكتب مقالًا، أو ليؤلف بحثًا؛ فهذا في الحقيقة لا يقرأ، وإنما يدور مع حاجته حيث دارت، ولن يكون بهذا قارئًا واعيًا.

فالوعي لا يُدرك إلا حين تقرأ لأنك تريد أن تقرأ، لا لأنك تبحث عن فائدة آنية، أو تُشترط لنفسك منفعة حاضرة. والعادة قضت أن القراءة التي لا تُقيَّد بعائدٍ فوري هي وحدها التي تُثمر في العمق. ولهذا صار هذا النمط من القراء نادرًا، فمعظم من يقرأ اليوم لا يصبر على المعرفة لنفسها، وإنما يسارع إلى نشرها بأي طريقة: بحكاية، بخاطرة، بمنشور… لسان حاله يقول: “لقد قرأت، فدعوني أُخبركم”.

وقد أدركتُ أستاذي الكبير #محمد_رجب_البيومي يقرأ أكثر من أربع عشرة ساعة يوميًا حتى آخر عمره، ولا أحسبه محتاجًا لكل هذه الساعات. فقد كان الرجل خريج الأزهر الشريف في عظيم وقته، وتلقى العلم في جامعة الإسكندرية، وتردد على أساتذة المدرستين الأزهرية والمصرية، وتكوينه العلمي غنيٌّ لا يحتاج إلى هذا الاجتهاد اليومي الشاق.

لكنّه كان قد امتهن مهنة القراءة. تحوّلت عنده إلى صناعة يومية، لا يمكن التخلّي عنها، ولا استراحة منها. وكانت قراءته منهجية لا مرتجلة، شاملة لا مبتورة؛ يفتتح مثلًا قراءة مجلة “الرسالة”، فلا يتركها حتى يُتمّها، عددًا بعد عدد، وصفحة بعد صفحة.

أما نحن، فكثيرًا ما نقرأ قراءة عوراء، مرتجلة، متقطعة، خاضعة للظرف والوقت والهوى. ومع ازدحام الحياة ومشاغلها يبتعد المرء عن القراءة شيئًا فشيئًا، حتى يكتفي… ولا يدري أنه إن اكتفى منها، فقد اكتفى من الحياة ذاتها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى