أخبار مصرتقارير مصريةغير مصنف

ثورة 30 يونيو والواقع المصري بعد الانتصار

بقلم: حميدو حامد صقر

عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية والباحث بالقانون الدولي الإنساني.

مقدمة:

لم تكن ثورة 30 يونيو 2013 مجرد انتفاضة شعبية ضد جماعة سياسية فقدت شرعيتها، بل كانت حركة إنقاذ وطني قادتها إرادة شعبية محمية بوعي عسكري، استدعت الجيش المصري من خنادق الدفاع إلى ميادين القرار، لتصحيح المسار واستعادة هوية الدولة الوطنية الحديثة، التي كادت أن تضيع بين شعارات متطرفة ومشروعات خارجية مشبوهة.
أولًا: عندما فُرض على الشعب الصمت… تكلم الجيش

بعد عامٍ من حكم جماعة الإخوان، اتضح أن مشروعهم لا يقوم على إدارة وطن، بل على تمكين تنظيمي فوق الدولة، وتكريس تبعية فكرية لخارج الحدود، وهو ما عرّض الأمن القومي المصري لأخطار محدقة.
وفي ظل انهيار الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة المخطوفة، لم يجد الشعب ملاذًا سوى القوات المسلحة المصرية التي لم تنفصل يومًا عن وجدان الشعب، لتأتي لحظة الحسم في 30 يونيو حين زأر الشعب، فأجابه الجيش بنداء الانحياز لإرادة الأمة.

ثانيًا: دور القوات المسلحة في حماية الإرادة الشعبية

لعبت القوات المسلحة المصرية الدور الأبرز في إنجاح ثورة 30 يونيو، ويمكن تلخيص هذا الدور في النقاط التالية:

الاستجابة المباشرة لنداء الشعب، وإمهال كافة الأطراف فرصة للحل السياسي، قبل اتخاذ موقف الحسم.

إعلان خارطة طريق شاملة في 3 يوليو، ضمت كافة التيارات السياسية، وضمنت الانتقال السلمي للسلطة.

تأمين البلاد في لحظة انهيار أمني شامل، بعد تهديدات الإخوان بإحراق الوطن.

مواجهة فورية لموجة عنف إرهابية غير مسبوقة، خططت لها الجماعة انتقامًا من سقوط مشروعها.

إن ما قام به الجيش المصري في تلك المرحلة، لا يُعد فقط عملاً وطنيًا، بل نموذجًا عالميًا في كيفية انحياز الجيوش المحترفة للشعوب لا للسلطة، في احترام صارم للقانون الدولي، ومواثيق الشرعية الشعبية.
ثالثًا: القيادة السياسية… رؤية الإنقاذ والبناء

ما بعد الحسم العسكري، لم يكن إلا البداية. فبقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان حينها القائد العام للقوات المسلحة، دخلت الدولة المصرية في أخطر معاركها: معركة تثبيت أركان الدولة وإعادة بنائها.

وقد نجحت القيادة السياسية في ما يلي:

إعادة ضبط معادلة الحكم بين الدولة والمجتمع على أساس مدني حديث.

إطلاق مشروعات قومية غير مسبوقة في البنية التحتية والتنمية العمرانية (قناة السويس الجديدة، العاصمة الإدارية، مبادرة حياة كريمة).

تبنّي سياسة خارجية متوازنة أعادت لمصر ثقلها الإقليمي والدولي، خصوصًا في ملفات ليبيا، السودان، القضية الفلسطينية، ومياه النيل.

إعادة هيكلة مؤسسات الأمن القومي وتعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب والعنف المسلح، في تناغم تام بين القوات المسلحة والشرطة.

رابعًا: الواقع المصري بعد الانتصار

إن أبرز ما يُميز الواقع المصري اليوم هو:

وجود قيادة سياسية صلبة تمتلك مشروعًا استراتيجيًا طويل المدى.

شعب أصبح أكثر وعيًا بالمخاطر التي تحيط بوطنه.

جيش هو الحارس الحقيقي لمدنية الدولة، دون مطامع في السلطة.

إعلام وطني يدافع عن ثوابت الدولة في مواجهة منصات الهدم والتشكيك.

مسيرة تنموية شاملة رغم الضغوط الاقتصادية العالمية.

خامسًا: تحديات ما بعد الثورة

لا يزال أمام الدولة المصرية تحديات عدة، منها:

استمرار الحروب الإعلامية والنفسية ضد مصر من أطراف خارجية وجماعات مناوئة.

الضغوط الاقتصادية العالمية، وملف الدين العام، وغلاء المعيشة.

ضرورة التوازن بين الحريات العامة وحماية الأمن القومي.

ولكن الأهم أن الوعي الوطني قد تشكّل على أسس صحيحة، وأن القيادة السياسية تُدير تلك الملفات بمزيج من الحسم والمرونة.

خاتمة ..
وأخيرا اوضح .
ليست ثورة 30 يونيو مجرد ذكرى في الذاكرة الوطنية، بل هي نقطة انطلاق نحو الجمهورية الجديدة، حيث الدولة لا تُدار من الشوارع أو عبر حسابات الخارج، بل تُبنى على أساس مؤسسات قوية، وقيادة شجاعة، وشعب مُلهم.

لقد أنقذ الجيش مصر، وشرّع الشعب له ذلك، وقاد الرئيس السيسي عملية التحول، والنتائج ما نراها اليوم: دولة صامدة، تملك قرارها، وتصنع مستقبلها رغم الصعاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى