أخبار مصرتقارير مصريةمقالات

الواقع المصري بعد “مسرحية” إيران وإسرائيل: بين ضبط النفس واستراتيجية التوازن

إعداد: حميدو حامد صقر
عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية
والباحث في القانون الدولي الإنساني

مقدمة:

شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة تصعيدًا إعلاميًا وسياسيًا بين إيران وإسرائيل، تمثل في تهديدات متبادلة، وضربات محدودة النطاق، ما دفع العديد من المحللين لوصف هذه الأحداث بـ”المسرحية”؛ لما شابها من تضخيم دون انزلاق إلى مواجهة شاملة. وفي ظل هذا المشهد، برزت مصر كدولة عربية محورية، تنتهج سياسة عقلانية قائمة على ضبط النفس، والالتزام الصارم بالمواثيق الدولية، وعدم الانسياق خلف الاستقطابات الحادة.

أولًا: فهم “مسرحية” إيران وإسرائيل

رغم الخطاب العدائي العلني بين الطرفين، إلا أن:

الصراع بقي ضمن حدود محسوبة.

لم تُستهدف مصالح أمريكية أو إسرائيلية مباشرة بشكل يؤدي إلى تصعيد شامل.

بدا أن الهدف هو إعادة ترتيب أوراق النفوذ في المنطقة، وخلق بيئة توتر لتبرير تحالفات وتسليح.

ثانيًا: الموقف المصري – حكمة وواقعية

1. سياسة الحياد الإيجابي:

مصر لم تنجرّ إلى أي من المحورين المتصارعين، وحرصت على:

الحفاظ على علاقات دبلوماسية متوازنة.

الامتناع عن إصدار مواقف انفعالية أو منحازة.

دعم الحلول السياسية وفق مبادئ الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.

2. التزام بالمواثيق والأعراف الدولية:

القيادة السياسية المصرية أكدت مرارًا على:

رفض عسكرة البحر الأحمر.

احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

تجنيب المنطقة مزيدًا من الحروب الوكيلة، عبر الدبلوماسية الوقائية.

3. الدور الإقليمي العقلاني:

مصر سعت لتفعيل دورها كوسيط موازن..

عبر تشجيع الحوار بين طهران والرياض (قبل اتفاق بكين).

والانخراط في مشاورات هادئة مع دول الخليج والأردن.

ثالثًا: التأثير على الأمن القومي المصري

الصراع الظاهري بين إيران وإسرائيل له تداعيات حساسة على مصر:

البحر الأحمر وقناة السويس:

أي توتر في باب المندب يُعد تهديدًا مباشرًا لحركة التجارة المصرية.
مصر عززت وجودها البحري، مع الالتزام بعدم عسكرة الموقف.

السودان واليمن:

التغلغل الإيراني في هذه المناطق يُراقب بعين استراتيجية من قبل مصر.

القيادة المصرية فضّلت تحصين الجبهة الجنوبية دبلوماسيًا وتنمويًا.

رابعًا: الشعب المصري والمشهد الإقليمي

يتابع المصريون هذه التوترات بكثير من الوعي والشكوك.

هناك إدراك شعبي بأن ما يجري من “مسرحيات” ليس سوى صراع مصالح كبرى تُدفع فاتورته من الشعوب العربية.
خاتمة:
سياسة مصر… عقل الدولة في زمن الاستقطاب

وسط مشهد إقليمي محتدم بالصراعات المفتعلة والتحالفات المتغيرة، تظهر مصر كقوة عقلانية ومحورية، توازن بين حماية أمنها القومي، واحترام الشرعية الدولية، وتجنب التورط في صراعات بالوكالة.
وهذا ليس ضعفًا، بل تعبير عن نضج سياسي يراعي مصالح الأمة والمنطقة، ويُعيد لمصر مكانتها كضامن للاستقرار وراعية للتوازن الإقليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى