رئيس التحرير

كلنا جنود في معركة الوجود

بقلم: بهجت العبيدي رئيس التحرير

لا شك أن المنطقة العربية تمر بمرحلة من أخطر المراحل التي عرفتها في تاريخها الحديث. إنها مرحلة من المؤامرات المتشابكة، حيث تُحاك الخيوط من قوى خارجية لا همّ لها سوى تمزيق أوطاننا، واستنزاف خيراتنا، وتسليم مصائر شعوبنا على طبق من ذهب لإسرائيل وغيرها من الأطراف المستفيدة من انهيار الكيان العربي.

منذ عقود، كانت القوى الاستعمارية تنظر إلى الوطن العربي على أنه كنز ثمين، ليس فقط بسبب ثرواته الطبيعية التي تتصدرها الطاقة، ولكن أيضًا بسبب موقعه الاستراتيجي الذي جعله صلة الوصل بين قارات العالم. واليوم، تسعى تلك القوى ذاتها، وإن تغيرت أساليبها، إلى السيطرة على مقدراتنا. المخطط واضح: دول عربية تُنهك بحروب داخلية، وصراعات مذهبية، ومشاكل اقتصادية، ليصبح تمزيقها هدفًا سهلًا، ويسهل تسليم زمام الأمور لإسرائيل التي تحلم بسيطرة كاملة على المنطقة.

لقد رأينا بأعيننا كيف أصبحت سوريا، تلك الدولة التي كانت رمزًا للصمود والقوة، مسرحًا للتدخلات الدولية. كل قوة عالمية أو إقليمية تحاول اقتطاع جزء من هذا الوطن، حتى باتت الأرض السورية كعكة تتقاسمها تركيا، وأمريكا، وإسرائيل، وروسيا، وإيران. لم تعد سوريا دولة ذات سيادة كاملة، بل صارت رهينة لمصالح تلك القوى. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف تم توزيع تلك الكعكة؟ وهل ستكون روسيا وإيران جزءًا من المستقبل أم سيأتي يوم ينتهي فيه وجودهما كما انتهى حلم الدولة السورية الموحدة؟

أيها الشعب المصري العظيم، إن المخطط الذي استهدف سوريا واليمن وليبيا والعراق ليس ببعيد عن مصر. لا شك أن أعداءنا يعلمون أن مصر هي القلب النابض للأمة العربية، وأنها الحصن الأخير الذي يقف أمام طوفان الفوضى. ومن هنا، فإن يقظتنا كمصريين واجب وطني لا يمكن التهاون فيه. يجب أن ندرك جميعًا أن معركة مصر ليست مجرد معركة تنمية أو إصلاح داخلي، بل هي معركة وجود حقيقية.

إن الجيش المصري، الذي أثبت على مر العصور أنه درع الأمة وسيفها، يقف اليوم في الخطوط الأمامية للتصدي لهذه المؤامرات. علينا أن ندرك حجم التضحيات التي يقدمها هذا الجيش دائما لكي يبقى الوطن آمنًا. لا مكان للتشكيك أو التخاذل، فالوقوف صفًا واحدًا خلف قواتنا المسلحة هو السبيل الوحيد لإفشال المخطط.

ما حدث في سوريا يجب أن يكون درسًا لنا جميعًا. لا يمكن أن نسمح لأي قوة، داخلية أو خارجية، أن تعبث بوحدتنا أو بأمننا القومي. مصر ليست مجرد وطن، بل هي رسالة. رسالة للسلام، وللعدل، وللوجود. وكلنا، كأبناء هذا الوطن، جنود في هذه المعركة.

لن يكون النصر إلا بوحدتنا، وبتقديم مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إنها معركة شاقة، لكنها معركة شرف تستحق أن نخوضها بكل ما أوتينا من قوة. وختامًا، فلنردد جميعًا: “تحيا مصر”، وليبقى علمها مرفوعًا رغم أنف المتآمرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى