روسيا وأوكرانياسياسةمقالات

جون بولتون يرسم استراتيجية شاملة في مواجهة روسيا والصين

دعا إلى تفكيك المحور الروسي الصيني "بعد انتصار أوكرانيا في حربها على روسيا" وحذر من ضعف موسكو

ضرورة تحسين التحالفات الدفاعية الجماعية الأميركية وتوسيعها وإبرام تحالفات جديدة في مواجهة التهديدات الجديدة

رأى مستشار البيت الأبيض للأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون أن مرحلة ما بعد الحرب الباردة انتهت لتفسح في المجال أمام مرحلة من المخاطر المتجددة والجديدة، راسماً في مقالة رأي نشرتها “وول ستريت جورنال” القواعد الأساسية لما وصفه باستراتيجية شاملة جديدة يجب أن تتبعها الولايات المتحدة في مواجهة هذه المخاطر، لا سيما تلك المتمثلة في روسيا والصين.

وكتب بولتون الذي أدى دوره الاستشاري بين عامي 2018 و2019، يقول في الصحيفة الأميركية: “انتهت مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ذلك أن هذه الفترة المرحلية القصيرة التي تلت هزيمة الإمبراطورية السوفياتية أثبتت أنها إجازة وهمية من الواقع [واقع التوازنات] وها هي تتبدد الآن بسرعة أمام مخاطر متزايدة أو ناشئة حديثاً. قلما يرتب التاريخ نفسه في شكل مناسب لفهمنا، لا سيما من يشهدون تحرك صفائحه التكتونية. لكن المعايير كلها تظهر أن التاريخ يتحرك الآن بسرعة”.

ولفت بولتون الذي عمل سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة بين عامي 2005 و2006، إلى قول الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما الأخير في موسكو إن العالم يشهد تغييرات لم يعرفها منذ قرن وإن بلديهما “يدفعان [عجلة] هذه التغييرات معاً”، في حين قال بوتين لضيفه، إن العصر الحالي “عصر تغييرات ثورية” حول العالم. وأضاف الكاتب: “من الواضح أن السيد بوتين هو الشريك الأقل شأناً إذ تتحول العلاقة بين بكين وموسكو من ’تفاهم‘ إلى ’محور‘. لكن الكرملين يمتلك قدرة قوية على صعيدي السلاح والطاقة النوويين، في حين لا يزال السلاح النووي الصيني يعتمد في شكل كبير على روسيا للحصول على اليورانيوم المخصب، ولا تزال قبضة موسكو على قطاع الطاقة النووية المدنية في أوروبا قوية”.

ووفق بولتون، واضع الكتاب “الغرفة حيث جرى الأمر: مذكرات عن البيت الأبيض”، سيتولى الرئيس الأميركي المقبل منصبه عام 2025 في الذكرى الـ75 لاعتماد الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان وثيقة مجلس الأمن القومي الرقم 68 التي شكلت الأساس لاستراتيجية واشنطن خلال الحرب الباردة. “قبل أقل من سنتين من تنصيب الرئيس الجديد، على المرشحين للرئاسة إعداد العدة لاستراتيجية شاملة، على صعيد بيانات السياسات التي سيعلنونها خلال حملاتهم وفي مجال إداراتهم العتيدة”، منبهاً إلى أن وجود المحور الصيني الروسي يترافق مع بلدان مارقة مثل إيران وكوريا الشمالية.

وقال في مقالته بـ”وول ستريت جورنال” يقتضي نجاح أي تفكير استراتيجي أن يستند إلى ثلاثة عناصر: “أولاً، على واشنطن وحلفائها أن يعززوا فوراً ميزانياتهم الدفاعية [ويرفعوها] إلى نسب من إجمالي الناتج المحلي تساوي تلك التي عرفها عصر الرئيس السابق رونالد ريغان وأن يواصلوا إنفاقاً من هذا النوع في المستقبل المنظور. وعلى الميزانيات الفيدرالية الأميركية أن تشهد تقليصات مهمة للتخلص من حالات العجز وخفض الدين القومي، فالإنفاق العسكري الأعلى يتطلب تخفيضات أكبر في الإنفاق المحلي. فليكن. ذلك أن دولة الرعاية الاجتماعية المكتنزة [المتضخمة] وبرامج إعادة توزيع الدخل على نطاق واسع لن تحمينا من الأعداء الأجانب. ويجب أن ينال الإنفاق العسكري الضروري دعماً من نمو اقتصادي متحرر من الضرائب الثقيلة والأعباء التنظيمية”. وحض على صيانة الترسانة النووية الأميركية “التي يهملها السياسيون” وتحديثها لضمان سلامتها وموثوقيتها.

ولفت في النقطة الثانية إلى ما وصفه بـ”ضرورة تحسين التحالفات الدفاعية الجماعية الأميركية وتوسيعها وإبرام تحالفات جديدة في مواجهة التهديدات الجديدة”. وقال: “الحلفاء الجيدون هم من يضاعفون القوة، وهذه صفة لا يتحلى بها ’حلفاؤنا‘ الحاليون جميعاً”. وأيد دعوة رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أثنار إلى توسيع حلف شمال الأطلسي ليصبح حلفاً عالمياً يضم اليابان وأستراليا وإسرائيل ودولاً أخرى مستعدة لتلبية متطلبات الحلف على صعيد الإنفاق العسكري. وحض على تعزيز المبادرة الأمنية لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل التي انسحبت منها موسكو أخيراً. “وعلينا معالجة امتعاض أصدقائنا في الشرق الأوسط من [ضعف] الحزم الأميركي، إلى جانب تطبيق السياسة الأميركية القديمة التي تستثني موسكو وبكين من النفوذ الإقليمي”. وإذ رحب بتحالف “كواد” الذي يضم الهند واليابان وأستراليا إلى جانب بلاده، وبمشروع “أوكوس” الأميركي البريطاني الأسترالي لبناء غواصات نووية، حض الغرب على تسليح تايوان وضمها إلى هياكل دفاع جماعي معتبراً ذلك “أمراً ملحاً” في ضوء التهديدات الصينية للجزيرة.

أما العنصر الثالث، وفق بولتون، فهو تفكيك المحور الروسي الصيني “بعد انتصار أوكرانيا في حربها على روسيا”. وتوقع أن تفضي هزيمة روسيا إلى إسقاط نظام بوتين، لكن “ما سيلي سيكون حكومة من تركيبة لا يمكن تحديدها [يتعذر توقع شكلها]”، في حين أن “القادة الروس الجدد قد لا يتطلعون إلى الغرب بدلاً من الصين، وقد يكونون ضعفاء إلى درجة يصبح معها تفكك الاتحاد الفيدرالي الروسي، لا سيما مناطقه الواقعة شرق جبال الأورال، أمراً غير مستبعد”. وذكّر بأن كثيراً من هذه المناطق كان صينياً لكن بكين خسرته في القرن الـ19 لصالح روسيا، محذراً من أن تفكك الأخيرة قد يدفع الصين إلى استعادة ما خسرته من أراض ويضعها على حدود ولاية ألاسكا الأميركية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى