سياسةمقالات

بو عزيزي الأمريكاني .. غزة تحرر واشنطن !!

بقلم / محمد عبد الجواد

 

تطور نوعي وتكتيكي وسابقة خطيرة لم يشهدها المجتمع الأمريكي عندمل أقداطم عنصر في سلاح الجو الأمريكي هو أرون بوشنل على إحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجا على المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة ليتحول إلى محمد بو عزيزي جديد ولكن في بلاد العم سام.

بوشنل بهذا التصرف بعث برسالة صادمة للمجتمع الأمريكي مفادها أن صمود غزة في وجه آلة العرب الإسرائيلية وترسانة الأسلحة الأمريكية التي لا يتوقف شحنها إلى تل أبيب لأكثر من 5 شهور رغم ضعف الإمكانيات يجب أن يحرر واشنطن من غطرسة الإدارة الأمريكية التي ترفض الاستماع لصوت مواطنيها.

المشهد الصادم مثل زالزلا بقوة 10ريختر هز المجتمع الأمريكي بعنف من خلال فيديو صادم تناقلته القنوات التليفزيونية ومواقع السوشيال ميديا حول العالم احتجاجا على الممارسات الوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بدعم ومؤازة من الإدارة الأمريكية بالمال تارة والسلاح أخرى وبالفيتو الدائم أمام مجلس الأمن منذ نشأة الصراع العربي الإسرائيلي لمنع أي قرار دولي يتم اتخاذه ضد إسرائيل.

احتجاج الأمريكان ضد سياسات بلادهم في دعم الوحشية الإسرائيلية ليس جديدا وكان مشهدا مألوفا فهناك أصوات تحتج وتتظاهر باستمرار في معظم الولايات لدعم الفلسطينيين ولكن الجديد في الأمر كان صدوره عن هذا الطيار لينتقل الدعم والمساندة من رجل الشارع العادي إلى أفراد الجيش.

آرون بوشنل جندي طيار في القوات الجوية الأمريكية عمره 25 عامًا ومتخصص في عمليات الدفاع الإلكتروني حصل على البكالوريوس في هندسة البرمجيات من جامعة ويسترن جوفرنرز بولاية يوتا ودرس علوم الحاسوب وحصل على شهادة في الأمن السيبراني في سبتمبر 2020 من جامعة ميريلاند وتلقى تدريبًا أساسيًا وفنيًا في القوات الجوية الأمريكية لمدة 7 أشهر، وتدرب على مراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين وعمل كمهندس Devops في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأمريكية ومتخصصًا في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في شركة Paraclete Press بين عامي 2015 و2017.

والآن يمكننا القول أن ما زرعته أمريكا في العالم رد لها الصاع صاعين وبالفوائد وهذه بضاعتها ردت إليها فأمريكا التي عرقلت وقف إطلاق النار ومنعت حماية الأبرياء في غزة اندلعت النار فيها نفسها وأحرقت زيها العسكري لأنها

دولة تقودها نخبة سياسية فاسدة وهي المسئولة عن أكثر ما يجري في هذا العالم من ظلم وبغي وعدوان.

المشهد الصادم حدث من قبل عندما أقدمت ناشطة أمريكية مؤخرا على إحراق نفسها بنفس الطريقة في إحدى الولايات لنفس السبب لكن لم يتم الكشف عن هويتها وتم التعتيم على الموضوع .

جندي سلاح الجو الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه أمام السفارة الأمريكية بواشنطن ليلقى حتفه على غرار التونسي محمد بو عزيزي الذى فجر ثورة الياسمين في تونس وجه صفعة قاسية على وجه دعاة الحرية ورعاة الفوضى الخلاقة في العالم احتجاجا على حرب الإبادة الجماعية في فلسطين بقوله في مشهد مصور قبل سكب البنزين على جسده هذا ما يريده حكامنا لنا ليبرهن للعالم أن أمريكا أسد على العالم ونعامة أمام إسرائيل التي تسوق نفسها على أنها وحش الكون لكنها قط سيامي أمام حماس ورجال المقاومة رغم ما ارتكبته من مجازر وحشية خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين.

المفارقة أن بوعزيزي التونسي بائع الخضار أحرق نفسه اعتراضا على الظلم الذي تعرض له في وطنه بسبب مصادرة عربته ومصدر رزقه ولطمه على وجهه من شرطية لكن بوعزيزي الأمريكاني أحرق نفسه لنصرة شعب لا تربطه به لا ديانة ولا لغة وعلى حتى حدود جوار ولكن بدافع إنساني بسبب ما رأه من مجازر وحشية ينفذها تتار العصر الحديث دون رحمة أو شفقة رغم أن المسافة بين واشنطن وغزة تقدر بحوالي 5878 ميلا أي حوالي 9121 كم .

في اعتقادي أن هذا المشهد المسأوي سيحول دفة الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين سواء في أمريكا والدول الأوروبية الداعمة للكيان وأرى أنه يلوح في الأفق تكراره في عواصم وولايات أخرى ليخرج الدعم والاحتجاح من نطاق التظاهر في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا وغيرها من المدن الأمريكية إلى نطاق أصعب وكذلك الحال في أوروبا فبعد تظاهرات في انجلترا وفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك والسويد وأيرلندا قد نشاهد انتقال الاحتجاج من الحالة السلمية إلى العنف ضد المصالح والمؤسسات الأمريكية والأوروبية والسفارات الإسرائيلية وقد يخرج الأمر عن نطاق السيطرة وقد نرى بوعزيزي جديد في أوروبا أو بوعزيزي أمريكاني آخر في أكثر من ولاية.

وقد يكون هذا التحول الرهيب في المشهد سببا رئيسا في وقف الحرب على غزة لأن الإدارة الأمريكية والعواصم الأوروبية دخلت سباقا مع الزمن لانهاء اتفاق الهدنة تحت وطأة ضغوط الرأي العام لديها وخاصة أن الانتخابات الأمريكية على الأبواب وقد يغير هذا الأمر من نظرة الناخب الأمريكي ويقلب الأمر رأسا على عقب في ظل انبطاح إدارة بايدن أمام الجموح والغطرسة الإسرائيلية.

وختاما هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو ماذا لو انت انتقلت المواجهة بين شعوب الغرب المنحاز والمتحيز وحكوماتها وبدأت تظهر دعوات بضرورة محاكمة هذه الحكومات على ما قدمته من دعم للمحتل الإسرائيلي وأمدته بالمال والسلاح للإجهاز على شعب أعزل يطالب بحقه في أرضه وأن يعيش في سلام وهو الأمر الذي ترى فيه هذه الشعوب ان حكوماتها بهذه التصرفات خرجت عن نطاق الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى