مقالات

استطلاع وكاتب مرتاع 

بقلم : مصطفى فرج الطبولي

لطالما كان الكاتب هو المتحدث منبسط الأحرف غزير الكلمات يرشق قلمه على فم الورقة متى شاء وكيفما شاء معبرا عن ما يكنه المواطن البسيط الواعي لما حوله العاجز عن نثر كلاماته في فضاء الواقع المرير ربما، والجميل أحيانا، كان أجدادنا غزيري الثقافة تنده على أجبنهم علوما مثيرة يبدونها لنا على موائد الغداء وكأننا نتلذذ بأكلها مع لقيماتنا التي يلزمنا الجسد بهضمها لنقوى على مصارعة أيامنا، فكان أحدهم يمرق تلك الكلمات المرتجلة بالعامية البسيطة، لتنتعش عقولنا الضامرة، وتدرك ما يحيط بها من كل جانب!، كان يسعى أحدهم لدعم الإجاب المضمحل، ويكسر أذرع السلب الجشع الذي تغطى على نفوسنا وغزاها بالعبثية، التي تتسرب كل يوم كسم يسري ببطء، في وجداننا، ومبادئنا، وعاداتنا التي تميزنا عن غيرنا من الشعوب المتميزة بعاداتها كذلك!، ولكن أحدهم لم يطلق على نفسه (كاتب)! . ينظر أحدنا بشيء من السذاجة لكاتب منكمش الثقافة مختلّ الآدب مرتج القلم كلما استلطف قلمه ببعض كلمات ينمقها على مضص ممن قرأ له مقالا ملفقا وأثنى عليه بالود والورد ، أو نصا واهيا، ربما قد لمس قلبه المقرح بحرف عابر ثم اختفى فجأة وراء حقيقة عجزه المريب، ترى ذلك المطلع يجلس على شاشة الهاتف ينتظر ذلك البوح المثير الكاذب، قد اغتر المسكين بإطرائه على نفسه بأنه كاتب!، وأديب!!، ومفكر لبيب، أريد أن أخبركم سرا ولكم حرية إفشائه متى شئتم نحن في بلد تختض بالآدباء والمفكرين!، والباحثين، لا تدع ذلك يفر من أذنك ويتسلل من قضبان عقلك!!، ولكن أحدهم قد يغدو حبره بعيد المدى، ذو الأيد واللسان السليط، عودا مقصوفا من شجرة بالية قد تنقعت في روث اللاثقافة، إذا طلبت على خجل من مكانتهم بعض من تلك الأحرف الثقابة السريالية الجياشة في رواياته، ودراساته المعالجة لشروخ الجهل في مخيلته البيضاء لا على الورق الأبيض ، تلك المكانة السامية، العالية لك أن توصف وتبجل من الجمل المادحة والألفاظ الشامخة ما شئت، فهم لا يبالون إن رفعتهم فوق الحرير، أم دفنتهم تحت مزابل البعير، لا يبالي أحدهم أبدا بنقدك رديئا كان أم رصينا، فهو على ثقة يستمدها من من كبره اللامتناهي، بأنه هو ذلك، وذلك، الجسر القويم الذي يعبره كل من حاول أن يرصع الأحرف، ويبني العبارات، والنصوص المدلهمة بالثقافة على ظهور الورق ويفعل، برغم من كل ذلك لا يستطيع أن يتجاوزه ذلك المبتدأ فهذا من المحال، والخبل، أنا على حسب علمي المحدود، وقلمي الركيك، بأنّ من ارتدى جبة الثقافة، يكون دافئ الروح متزخرف الأطراف ولو قليلا! من كل العلوم، من تاريخ، وحضارة، وفن، ودين، وسياسة فهم كذلك في الحقيقة، نعم هم كذلك!! ولكنهم أحيانا يشلهم الارتباك إذا ما طلبت من أحدهم استطلاعا في موضوع معين قمت باختياره أنت لا يتجاوز المئة كلمة، لتستمتع ببهاء كلماته، ويتعذر قائلا صعب والله، أو أمهلني أياما ولو قمنا بإحصاء تلك الأيام لوجدناها تتسع لإنجاب رواية تحتضنها العيون للتأمل والقراءة !!، أنا أكتب، وأستحي أن أصنف نفسي كاتبا، أمام الكثير! من نجبائنا، وكتابنا، وأدباءنا الأفاضل الراحلين منهم الباقية أعمالهم تتنفس فينا كل يوم، وليلة، والأحياء منهم قلما عتيقا مشعا، وجسدا تحيطه الكلمات، والتعابير، فأمثال هؤلاء يتعذرون لانشغالهم بإنجاز يبهر القلوب، وينثر على الأنوف، العطور، وأوراق الرياحين، ولكن من أنت؟، وماذا صنعت؟، ولماذا تطلق على نفسك كاتبا حاذقا!، نريدك أن تحدثنا عن قرب عن تعريفك لنفسك في ملفك (الفيسبوكي)، يا من تغلفه بالروائي، المفكر، الأديب،ولاريب،ولا عيب!، ولا اسغراب، ولا تعقيب! وقد تجده يجمّل ذلك الغلاف الطائر في الوهم ببعض الجمل، والكلمات مثل ( لم يكن ذلك سهلا) !! أنا لست سوى قارىء أحاول التأمل، وقد أفتُر أحيانا عن تفسير بعض الكلمات، والجمل غائرة المعاني، فاعذروني لذعري، ولكن التعجب ينخر عقلي، وتأكل روحي علامات الاستفهام ؟؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى