نيران الدولار القوي تصيب الجميع حتى الولايات المتحدة
اتفق خبراء تحدثوا لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” على أن جميع اقتصادات العالم تقريبا ستتضرر بقدر ما من الارتفاع المتواصل للدولار الأميركي، العملة الرئيسية للتعاملات الدولية.
ارتفع مؤشر الدولار بأكثر من 18 بالمئة منذ بداية العام إلى حوالي 113، وعائدا نحو أعلى مستوى في 20 عاما الذي بلغه الشهر الماضي عند 114.78. ونزل اليورو بأكثر من 14.4 بالمئة منذ بداية العام أمام الدولار عند مستوى 0.4 المئة إلى 0.9730 دولار.
صعد الدولار إلى أعلى مستوياته مقابل الين منذ 24 عاما، الأربعاء، ليرتقي فوق المستويات التي دفعت المسؤولين اليابانيين إلى التدخل في سوق العملة الشهر الماضي.
أدى ذلك إلى ارتفاع عوائد السندات الأميركية، وزادت توقعات المتعاملين بأن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه بشهر نوفمبر المقبل.
متى يتوقف ارتفاع الدولار؟
من قبرص، تحدثت الخبيرة الاقتصادية، فيوليت غزال البلعة، إلى موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” قائلة إن السؤال الأهم هو إلى متى سيستمر ارتفاع الدولار وازدياد قوته عالميا؟.. وأجابت: أن السياسة الأميركية الواضحة حاليا هي محاصرة التضخم عبر رفع أسعار الفائدة بشكل متتالي حتى عام 2023 لتصل إلى حوالي 4.5 بالمئة أو أكثر، وهذا سجعل الدولار قويا أكثر، وبرغم أنه من حيث المعادلة فإن العملة القوية تفيد العملات الأخرى الأقل قوة أو الضعيفة، لأنها تعزز قوتها التنافسية، ولكن اليوم الحال متبدل لأن كل اقتصادات العالم تعاني لأسباب متعددة، من مخاطر الدخول في مرحلة ركود طويلة.
وأضافت أنه بناء على ذلك فإن التأثيرات تفوق التوقعات وتتخطى ما هو محدد وفقا للقواعد الاقتصادية لأن هناك حالة فوضى شاملة تعم الأسواق، سواء أسواق النقد أو المال أو الأسهم أو حتى التضخم الكبير في أسعار السلع المختلفة نتيجة حرب أوكرانيا ومن قبلها وباء كورونا، وهو ما جعل الاقتصادات العالمية في حالة ركود طويلة حيث تباطأ النمو نتيجة انعدام الأنشطة الإنتاجية تقريبا.
وأوضحت أنه بعدما كانت تداعيات قوة الدولار السلبية قاصرة على عملات الاقتصادات الناشئة والدول النامية، لكنها اليوم تهدد الاقتصادات الصناعية الكبرى والتي دخلت ركودا أصلا نتيجة الأوضاع العالمية غير المستقرة سياسيا.
البلعة شددت كذلك على أن الفيدرالي الأميركي ما زال يراهن على نجاح آلية الدولار القوي في خفض فاتورة البضائع المستوردة إلى أميركا من الاقتصادات الناشئة، وحتى كذلك من اقتصادات صناعية مثل أوروبا واليابان ودول النمور الأسيوية والصين، حيث يرى الفيدرالي أن الدولار القوي سيعمل تلقائيا على خفض التضخم لأن المستورد الأميركي يدفع بالدولار لسلع تباع بعملات ضعيفة وهو ما يجعل تلك السلع رخيصة بالسوق الأميركي، مما يجعل كل الاقتصادات التي تتعامل معها أميركا وتستورد منها احتياجاتها متأثرة سلبا بقوة الدولار، وإن كان ذلك سينعش الإنتاج خارج الولايات المتحدة وقد تكون هذه الميزة الوحيدة لقوة الدولار.
واستطردت أن ما يزيد من تأثير الدولار القوي على العالم أن العملات الرئيسية في العالم باتت تعاني ضعفا غير مسبوق، فمثلا الجنيه الإسترليني في أدنى مستوياته ليس فقط بسبب أزمة كورونا ولا حرب أوكرانيا ولكن سبق ذلك قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهناك عوامل هيكلية أضعفت الجنيه الإسترليني وقد يستمر على هذه الحال بعدما كان ملك العملات واستقر على عرشها لمائة عام قبل أن يحتل الدولار الأميركي هذا الموقع حاليا.
وأوضحت أيضا أن اليورو انخفض إلى مستوى كبير هو الآخر نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية بسبب وباء كورونا وحرب أوكرانيا، وكذلك العملات الآسيوية تعاني وفي مقدمتها اليوان الصيني نتيجة العقوبات الأميركية على الصين وإغلاق الاقتصاد الصيني لفترة طويلة بسبب وباء كورونا وكذلك وجود مشاكل هيكلية أخرى جعلته يعاني، وعلى الرغم من كون ضعف اليوان يشجع الإنتاج الصيني والتصدير للخارج ولكن هذه السلع تكون رخيصة ولا تعوض ما تفقده الصين كاقتصاد منفتح على العالم.