أخبار العالممختارات

تحليلات خاصة من صفحة ” اندماج”  قراءة في الدور النمساوي في الأزمة الأوكرانية 

 

تعتبر الحرب الروسية على أوكرانيا من أخطر الأحداث والتحديات التى واجهت أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وهو ما يؤكد عليه الساسة النمساويين فى كل المناسبات وعلى مدار ستة أشهر منذ اندلاع الحرب الأوكرانية فى 24 فبراير 2022 .

وقد اختارت النمسا منذ بداية الحرب الإنحياز التام الى أوكرانيا وتوجيه الاتهامات والانتقادات المتواصلة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد جاء ذلك على ألسنة جميع المسئولين النمساويين وفى مقدمتهم الرئيس الكسندر فان دير بيلين والمستشار الفيدرالي كارل نيهمر ووزير الخارجية ألكسندر شالينبرج .

ومنذ اندلاع الحرب سارعت النمسا الى الترحيب باللاجئين الأوكرانيين وأغدقت عليها بالتسهيلات المختلفة من مساعدات وتسهيل اجراءت التسجيل والاقامة ومنحهم تصريح العمل وأولوية فى التشغيل بالعديد من الشركات كما أطلقت العنان لعشرات المظاهرات شبه اليومية فى مختلف الميادين بالعاصمة فيينا للتعبير عن الغضب من السياسات الروسية كما سمحت بتعليق العلم الأوكراني على مختلف الأبنية وعلى كاتدرائية شتيفانس التاريخية الشهيرة بوسط فيينا .

وقد استقبلت النمسا بالفعل اكثر من 60 الف لاجىء خلال اسابيع قليلة من اندلاع الحرب وأقامت العديد من مراكز توزيع المعونات الغذائية ومنح الاعفاء التام من رسوم صف السيارات فى مختلف الشوارع واقامة اللوحات الارشادية باللغة الاوكرانية فى العديد من شوارع العاصمة والمدن الرئيسية .

وقد أعفت الحكومة اللاجئين من شروط تعلم اللغة الألمانية واعتبرتهم من فئة اللاجئين سهلة الاندماج بسبب انتمائهم للثقافة الاوروبية كما سهلت التحاق الاطفال الاوكرانيين فى المدارس النمساوية وتوفير المعلمين والمعلمات المناسبين لهم.

وأقامت النمسا العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية للتنديد بالهجوم الروسي أبرزها اللقاءات التى عقدت بالاكاديمية الدبلوماسية النمساوية والتى استضافت الدبلوماسيين الاوكرانيين بصفة شبه دائمة كما سمحت الحكومة باقامة مظاهرات أمام مقر السفارة الروسية فى فيينا للتنديد بالحرب وهو الأمر الذي وصل الى مرحلة تلطيخ مقر السفارة بعبارات الكراهية من المعادين للحرب الروسية .

كما قامت النمسا من خلال المؤتمرات والقمم المتتالية للاتحاد الاوروبي فى بروكسل بالتأكيد على رفض هذا العدوان ودعمت النمسا الجهود الاوروبية فى اقرار عقوبات اقتصادية على روسيا أبرزها انهاء استيراد النفط الخام الروسي بنهاية العام الجاري .

وكان للنمسا تجربة متفردة وخاصة فى مواجهة الأزمة الأوكرانية حيث قام المستشار الفيدرالي كارل نيهمر بعد أسابيع قليلة من وقوع الحرب بمهمة للوساطة بين روسيا وأوكرانيا حيث زار المستشار موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقناعه بوقف العمليات العسكرية ولكن الوساطة فشلت مع اصرار بوتين على رفض هذا التدخل حيث التقى المستشار فى لقاء فاتر ورفض تصوير اللقاء ولم يستجب لأي اطروحات للنمسا فى هذا الملف .

وتقود النمسا جهودا أوروبية للاستغناء عن الغاز والنفط الروسيين ونجحت فى المساهمة في اقناع الجارة المجر فى تقليل الاعتماد على النفط الروسي تدريجيا والانخراط فى العمل الاوروبي المشترك – بعد معارضة قصيرة لكون المجر تعتمد على النفط الروسي بنسبة كبيرة – .

وردت روسيا على الموقف النمساوي بتخفيض امدادات الغاز بنسب كبيرة من شركة غازبروم الروسية الى شركة ” أو ام في ” النمساوية كما توقفت امدادات الغاز لمدة عشرة ايام فى الشهر الماضي بسبب اعمال الصيانة فى خط نورد ستريم 1 حيث كانت المخاوف واسعة وقتها من انقطاع دائم لامدادات الغاز .

وتتخوف النمسا من أزمة واسعة للطاقة فى الشتاء المقبل ولذا سعت الى زيادة المخزونات من الغاز من مصادر مختلفة غير روسيا فى اطار خطة لملء المخزونات بنسبة 80 فى المائة قبل حلول الشتاء وذلك بحسب تأكيد ليانور جويسلر وزيرة الطاقة النمساوية .

وتقوم منظمة الامن والتعاون الاوروبي والتى تتخذ من فيينا مقرا لها بدور مهم فى الدفاع عن أوكرانيا على الرغم من أنها تضم فى عضويتها كل من روسيا وأوكرانيا ضمن 57 دولة عضو فى هذه المنظمة .

ولم يقتصر دعم المنظمة الاوروبية والحكومة النمساوية على الأوكرانيين فى النمسا بل قدمت الحكومة مساعدات بملايين اليوروهات لدول الجوار الأوكراني التى تقدم جهود الاغاثة الى اللاجئين وفى صدراتها بولندا ورومانيا ومولدوفا حيث زار المستشار النمساوي ووزير الخارجية هذه الدول فى اطار دعمها لمواجهة تداعيات الحرب .

وتتخوف النمسا من امتداد الحرب من شرق أوروبا الى وسط أوروبا وتحديدا الى منطقة دول غرب البلقان لذا سارعت الى تنشيط مفاوضات ضم أوكرانيا ودول غرب البلقان معا الى عضوية الاتحاد الاوروبي لمنع امتداد النفوذ الروسي لهما .

ونشبت مؤخرا أزمة بطلها السفير ميخائيل ايليانوف سفير روسيا لدى المنظمات الدولية فى فيينا والذي غرد على توتير رافضا ترحيب الرئيس الأوكراني فولديمير زيلنيسكي بالحصول على صفقة أسلحة أمريكية حيث رد السفير مؤكدا أن روسيا سوف تقضى على أوكرانيا ولن ترحمها وهي التصريحات التى اعتبرتها النمسا دعوة للابادة الجماعية وعلى أثر ذلك تم استدعاء السفير الروسي الى مقر الخارجية النمساوية وتسليمه رسالة احتجاج واجباره على مسح التغريدة وتقديم الاعتذار .

وفى مؤتمر ألباخ الدولي الذي تستضيفه مدينة تيرول النمساوية حاليا أكد المستشار النمساوي كارل نيهمر أن الاتحاد الاوروبي سوف يبقى على العقوبات المفروضة على روسيا مشيرا الى رفضه لقيام أحزاب نمساوية بالتشكيك في جدوى العقوبات قاصدا حزب الحرية اليميني وهو ثالث أكبر الاحزاب النمساوية ومتعاطف للغاية مع المواقف الروسية .

كما اضطرت الحرب فى روسيا وزيرة الخارجية النمساوية السابقة كارين كنيسل الى مغادرة البلاد حيث أنها بالفعل على علاقة قوية بالرئيس الروسي بوتين والذي حرص على حضور حفل زفافها قبل ثلاثة أعوام واشتهر الحفل برقصة بوتين الشهيرة مع الوزيرة وقد قالت كنيسل أنها تلقت العديد من التهديدات كما تتعرض لحملات كراهية وشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي.

تقرير


: اسامة نصحي

ــــ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى