بعد «ركود هادئ».. عودة الدفء إلى «زواج المصلحة» بين تركيا وإسرائيل
أعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، ظهر اليوم الأربعاء، عن إعادة تبادل السفراء بين تل أبيب وأنقرة، بعد فترة جمود خيمت على العلاقات بين البلدين، وصفت بمرحلة «الركود الهادئ» بين الحليفين في منطقة الشرق الأوسط (إسرائيل وتركيا)، وذلك رغم التصريحات التركية عن القضية الفلسطينية والانتهاكات التي تلاحق المقدسات الإسلامية في القدس.. ليعود الدفء مجددا إلى العلاقات الثنائية التي وصفتها الدوائر السياسية الغربية بـ «زواج المصلحة»
• وفي حقيقة الأمر.. كانت بداية العام الحالي 2022 تحمل مؤشرات التهدئة وتطبيع العلاقات بين «الحليفين» في المنطقة، وتكشفت تحركات جادة في هذا الاتجاه، لفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما، ومن بين تلك المؤشرات «الايجابية» إفراج الجانب التركي عن الزوجين الإسرائيليين المحتجزين في إسطنبول منذ نهاية العام الماضي، ومقابل ذلك زار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تركيا وسط استقبالٍ حافل.
عودة الدفء لزواج المصالح
<span;>وهكذا شهد العام 2022 تبادل رسائل ودية بين تركيا وإسرائيل على نحوٍ أوحى بوجود تحرك جاد لتطبيع العلاقات أولا، ثم «عودة الدفء لزواج المصلحة»، وتمثل ذلك التوجه التركي في زيارة وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، رفقة وزير الطاقة، فاتح دونماز، إلى إسرائيل، بهدف مناقشة تطوير العلاقات إلى مستوى تعيين السفراء، ومناقشة مسألة التعاون الاستراتيجي في مجال الطاقة.
«جمود العلاقات» في العام 2010
وتعتبر تلك الزيارة لمسؤول تركي رفيع المستوى الأولى من نوعها منذ 15 عاما منذ أن شهدت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب حالة من التراجع والركود منذ أحداث السفينة «مافي مرمرة» عام 2010، حين داهمت قوات البحرية الإسرائيلية النشطاء الحقوقيين الأتراك على متن السفينة في المياه الدولية للحيلولة دون وصولها إلى غزة، وكسر الحصار المفروض ظلما على القطاع، وأدى الهجوم إلى مقتل 10 ناشطين أتراك بالإضافة إلى إصابة 60 آخرين.
• وقد حاول الطرفان إعادة علاقاتهما إلى نصابها عام 2013، لكن ذلك لم يتم نتيجة الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2014. وفي عام 2015 عاد الطرفان لمحاولة تحسين العلاقات، وعيّنت تل أبيب سفيراً لها في أنقرة، ومع ذلك، لم يلبث الأمر كثيراً، حتى طردت أنقرة السفير الإسرائيلي عام 2018، احتجاجًا على الاستخدام غير المتناسب للقوة من قبل إسرائيل في الاحتجاجات التي اندلعت في غزة. وردا على ذلك سارعت تل أبيب بطرد القنصل التركي.
تحرك تركي لاستعادة العلاقات بصيغة «زواج المصلحة»
ومع ذلك، بدأت تركيا في العودة لسياسة التقارب خلال العام الماضي، وكثفت تركيا من جهودها بغية استعادة العلاقات مع العديد من جيرانها الإقليميين، كما دفعت الأزمة الاقتصادية المتصاعدة أنقرة إلى تحسين علاقاتها مع الإمارات وإسرائيل والمملكة العربية السعودية بغية تعزيز العلاقات الاقتصادية الإقليمية بشكل أفضل.
• وفى هذا السياق، اتجهت أنقرة وتل أبيب للنظر في المصالح المُشتركة التي تدفعهم نحو التعاون ورعاية مصالحهما المُشترك بصيغة «زواج المصلحة»، أمام المحاور التي تتشكّل حاليًا في المنطقة، بحسب الباحث السياسي جلال سلمي، موضحا أن المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة تشجع الطرفين على التقارب في ظل مسار التوازنات المتغيرة وحالة عدم اليقين في المعادلة الحالية لمنطقة الشرق الأوسط.
خطوات براجماتية
وبات واضحا، أن تركيا تحاول الآن الخروج من عزلتها، بحسب تعبير سفير تركيا السابق لدى إسرائيل، نامق تان، مؤكدا «أن هناك الآن ميلا إلى «الخطوات البراجماتية» في سياسة تركيا الخارجية، هذا بالإضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية أيضا تدفع انقرة إلى البراغماتية، فهي لا تستطيع تحمل قطع علاقاتها التجارية مع الخارج.
• وبغض النظر عن كل الخلافات الدبلوماسية، تبقى إسرائيل شريكا تجاريا هاما لتركيا، ففي عام 2021 تم تحقيق رقم قياسي جديد في التبادل التجاري بين البلدين، والذي وصل إلى 8,1 مليار دولار. لذلك سيكون هناك تعزيزا للعلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وإسرائيل، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة.