(( سطوة الهاتف النقّال على الزيارات العائلية ))
إنتابني شيء من الحزن وعدم الراحة ,حيث معظم الجالسين في الصالة من الضيوف وأهل الدار فتح هاتفه النقّال بعد أن تناقل جميع الحضور الرقم السري ( الباسوورد ),الكل دخل عالمه الإفتراضي الخاص ,عندها إزدحمت في مخيلتي مجموعة من الأسئلة ,ما مغزى هذه الزيارة العائلية والكل منشغل بالموبايل ؟ ,ذاك يبتسم والآخر يتيه في صمت عميق وأحدهم يكلم صاحبه وتلك تبصم بالإعجاب والتعليق ,سائلت نفسي أين الحميمية في اللقاء والإبتسامة الجماعية والألفة والمحبة؟ وأين تداول الذكريات والأحاديث التي تجمعنا كأقارب ؟ أو ليس الأجدر في مثل هذه الحالة البقاء في البيت ؟ بعيداً عن زحمة الطريق وتكاليف سيارة الأجرة ومداورة الحديث بتصنع ورياء , ما دام الجمع مصمم على هكذا لقاء جاف خالي من المشاعر الصادقة . حينها حضر في ذاكرتي مقطع من مسلسل تلفازي خليجي قبل سنوات عدة يغيب عن بالي عنوانه ,كانت سيدة المنزل وهي تستقبل ضيوفها من الأبناء والأحفاد والأقارب ,تحمل في يديها سلة تجمع فيها هواتفهم النقّالة عند الباب ,وهي رسالة جميلة ليتنا استفدنا منها ,ليكون جمعهم مبارك بالأحاديث العائلية الجميلة الصادقة والإبتسامة الجماعية النقية دون تكلف وتصنّع , ليثمر اللقاء عن قيمة إنسانية للمحبة والألفة .
في مراجعة بسيطة للكوكل , و وفقاً لما نشره موقع صحتي فقط Only My HEALTH ) ) ,تبين ( أن استخدام الهاتف النقّال لفترة طويلة يؤدي لشكل من أشكال سرطان الدماغ ) . وفي دراسة أخرى نشرها موقع ( My Fitness Pal ) وهو تطبيق وموقع للهواتف الذكية يتتبع النظام الغذائي والتمارين الرياضية الخاصة باللياقة البدنية , ذكر فيه توصل الأبحاث العلمية التي أجراها قسم أمراض القلب بكلية طب جامعة أميركا اللاتينية , وتم عرض نتائجه خلال المؤتمر الأميركي لأمراض القلب , إن طلاب الجامعات الذين يستخدمون هواتفهم النقّالة لمدة خمسة ساعات فأكثر في اليوم تزيد لديهم مخاطر الإصابة بالسمنة بنسبة 43% مقارنة بأقرانهم ,بسبب الأسلوب الطائش في تناول الطعام واستهلاك أكثر للمشروبات الغازية المُحَلات بكمية كبيرة من السكر ,وهذا البحث أراه منطبقاً أكثر على مجتمعاتنا العربية , حيث أن الشباب وخاصة في مرحلة المراهقة يستخدم الهاتف النقّال لفترات طويلة مصحوبة بتناول أنواع من الوجبات السريعة الكثيرة الدسم كالهمبركر والشاورما وأنواع الجبس برفقة المشروبات الغازية وبشكل مفرط , مما يؤدي لإصابتهم بالسمنة والجسم المترهل والكسل , وحصول مختلف التشنجات العضلية بسبب الجلوس في المقاهي أو غرفهم الخاصة ولفترات قد تطول لساعات برفقة هاتفهم النقّال أو الآيبات أو اللابتوب ,مع إضطرابات متعددة للحالة النفسية . كل ذلك كان بالإمكان تجنبه باللقاءات العائلية الطيبة الصالحة , ومتابعة الآباء والأمهات المباشرة وغير المباشرة لسلوك أبنائهم وتبادل الحوار والنقاشات الحميمية معهم , والتقرب قدر الإمكان لأبنائهم والتعرف على أصدقائهم , ومعرفة مشاكلهم الشخصية ومساعدتهم في حلها ,وتقليل الفجوة أو ردمها تلك التي يخلفها الإدمان على برامج التواصل الإجتماعي كالتكتوك والفيسبوك واليوتيوب و غيرها , مع ترغيبهم بممارسة نشاطات أكثر فائدة من تلك التي يمارسونها كالقراءة والرسم أو الإهتمام بحديقة الدار وأنواع الزهور وأشجار الحديقة المنزلية , أو حثهم على ابراز هواياتهم وابداعهم أو دفعهم لممارسة شتى أنواع الرياضات التي تعيد لياقة أجسامهم وتوازنهم .
بقلم /جنان السعدي
ج.م