الذكرى الـ54 لتأسيس اتحاد دولة الإمارات: رؤية الشيخ زايد التي صنعت دولة أصبحت نموذجاً عالمياً في البناء والتنمية والتعايش السلمى

مشغل الصوت
بقلم دكتور معتز صلاح الدين
تحل اليوم الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، المناسبة الوطنية الأغلى في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، التي تُجسد لحظة فارقة انتقلت فيها الدولة من التشرذم إلى الوحدة، إلى الطموح اللامحدود. ففي الثاني من ديسمبر عام 1971، وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اللبنة الأساسية لاتحاد أصبح نموذجاً عالمياً في البناء والتنمية والتعايش السلمى حيث يعيش على أرض الإمارات مواطنون من أكثر من 200 جنسية .
لم يكن مشروع الاتحاد مجرد تنظيم سياسي، بل كان رؤية إنسانية شاملة آمن بها الشيخ زايد، الذي أدرك بحكمته أن قوة الإمارات في وحدتها، وأن مستقبل أبنائها مرتبط بتكاتفهم ومصيرهم المشترك. ورغم التحديات، استطاع بحنكة القائد وإرادته الصلبة أن يجمع قادة الإمارات السبع لتشهد المنطقة ميلاد دولة قوية وراسخة.
آمن الشيخ زايد بأن الإنسان هو رأس المال الحقيقي، فجعل التعليم أولويته القصوى، وأطلق مشروعات تنموية غيرت وجه الإمارات، لتصبح دولة عصرية ينعم شعبها بالأمن والرفاه والاستقرار.
ومن المحطات المضيئة في شخصية الشيخ زايد، موقفه العربي الأصيل خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، حين أعلن صراحة:
«البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي».
وكان بذلك أول قائد خليجي يقرر وقف تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل، في موقف شجاع غيّر موازين المعركة سياسيًا واقتصاديًا، وأثبت للعالم أن الإمارات بقيادة الشيخ زايد تقف دائماً في صف الحق والكرامة العربية.
وقد ترك هذا القرار التاريخي بصمة لا تُنسى في الوعي العربي، وظلّ مثالاً لصدق الانتماء ومساندة الأشقاء.
ارتبط الشيخ زايد بعلاقة محبّة واحترام عميق لجمهورية مصر العربية، رآها قلب العروبة النابض، وركنًا أساسيًا لاستقرار المنطقة.
فقد كان يقول دائماً:
«نهضة مصر نهضة للعرب جميعاً».
ووقف إلى جانب مصر في أصعب الظروف، سياسيًا واقتصاديًا وإنسانيًا، ودعمها بلا تردد بعد حرب 1973، وفي كل المواقف التي احتاجت فيها الأمة العربية للتكاتف. ولا تزال مواقفه النبيلة راسخة في ذاكرة الشعب المصري الذي يبادل الإمارات قيادةً وشعبًا المحبة والوفاء ومن حسن الطالع أن المفكر العربي الاستاذ على محمد الشرفاء الحمادي كان شاهدا على كل تلك المواقف حيث عمل رئيسا لديوان الرئاسة فى عهد الشيخ زايد ولمدة 22 عاما فكان فى دائرة صنع القرار حفظه الله ورعاه
بعد مرور 54 عاماً على قيام الاتحاد، تقف الإمارات نموذجاً عالمياً في التنمية والابتكار والإنجاز. فقد أصبحت مركزاً اقتصادياً وتجارياً عالمياً، ورائدة في مجالات الطاقة المتجددة والفضاء والتكنولوجيا والسياحة والثقافة، إضافة إلى دورها الإنساني البارز على مستوى العالم.
وتتواصل مسيرة النهضة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يرسخ نهج المؤسس ويقود الإمارات نحو آفاق جديدة من الريادة.
إن إحياء ذكرى الاتحاد هو أيضاً تذكير بإرث الشيخ زايد الذي شكّل مدرسة في الحكمة والتسامح والبذل والعطاء. وقيمه النبيلة ما تزال حاضرة في السياسات والمبادرات والمشروعات التي تبني مستقبل الإمارات وتكرس مكانتها دولة الإنسانية والتعايش والسلام.
إن الذكرى الـ54 لتأسيس اتحاد دولة الإمارات مناسبة للفخر والاعتزاز برجل صنع التاريخ، وقدّم نموذجاً قيادياً استثنائياً جمع بين الحكمة والقوة والمحبة والإنسانية. إنها ذكرى تجدد العهد على مواصلة الطريق الذي رسمه الشيخ زايد، نحو مستقبل أكثر إشراقاً وشموخاً، في وطن توحدت فيه القلوب قبل الأرض، ليظل الاتحاد دائماً رمز قوة كل إماراتي ومصدر اعتزازه.
حفظ الله دولة الإمارات العربية المتحدة واهلها من كل مكروه وسوء وستظل دوما نموذجا فريدا للتعايش السلمي…



