الشرخ بين القاهرة وأبوظبي في السودان… خلاف لم يعد خافياً

مشغل الصوت
بقلم مريم سليم
بلغت أزمة السودان مرحلة لم تعد تهدد استقرار القرن الإفريقي فحسب، بل كشفت أيضاً أحد أبرز الخلافات الاستراتيجية بين مصر والإمارات. فبعد سنوات من التنسيق الواسع بينهما في ملفات إقليمية متعددة، يقف البلدان اليوم على طرفي نقيض في الساحة السودانية.
مصر… معادلة الأمن الوجودي
تنظر القاهرة إلى الأزمة السودانية باعتبارها تهديداً مباشراً لأمنها القومي. فقد أدّى تدفق أكثر من 102 مليون لاجئ سوداني، والخشية من موجات نزوح جديدة، واحتمال انهيار مؤسسات الدولة المركزية، إلى تمسّك مصر بدعم القوات المسلحة السودانية (SAF) بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.
وترى مصر أن الجيش السوداني ليس مجرد طرف داخلي، بل هو السد الأخير أمام تفكك السودان والانزلاق نحو الفوضى، خاصة في ما يتصل بملف نهر النيل الحيوي، حيث يمكن لأي اضطراب داخلي أن ينعكس على أمن مصر المائي.
الإمارات… لعبة النفوذ في القرن الإفريقي
في المقابل، تتعامل الإمارات مع السودان باعتباره جزءاً من خريطة نفوذها الممتدة من إريتريا إلى اليمن. وقد دفع هذا التصور أبوظبي إلى دعم قوات الدعم السريع (RSF) بقيادة حميدتي، انطلاقاً من مقاربة واقعية قائمة على تعزيز النفوذ.
وتعتبر الإمارات السودان مخزوناً ضخماً للذهب والأراضي الزراعية والموانئ الاستراتيجية على البحر الأحمر. وهذه المقاربة تشبه إلى حد كبير سياستها في ليبيا واليمن، حيث استندت إلى دعم مجموعات محلية وشبه عسكرية لتهيئة ترتيبات تخدم مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.
اختلاف في الأولويات… وغير قابل للإدارة
الخلاف حول السودان يعكس في جوهره اختلافاً بين منطقين متباينين في صناعة القرار:
مصر تنطلق من منظور “الدولة المحورية” وضرورة الحفاظ على الاستقرار ووحدة المؤسسات.
الإمارات تنطلق من منظور “النفوذ المحوري” والسعي إلى الاستفادة من فراغات القوة لتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي.
وعليه، أصبح الملف السوداني أحد أبرز ميادين التباين بين القاهرة وأبوظبي. ومع ذلك يتوقع أن يتحول إلى مواجهة مباشرة.

