مجدى طنطاوى يكتب: مقام الفكر وصبر الحكيم اضاءة ادبية في تقدير المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

مشغل الصوت
في زمن تتلاطم فيه امواج الاحداث ويضطرب فيه ميزان الحقيقة يبرز رجال يحملون رسالاتهم كما يحمل الضوء قدسيته في قلب العتمة ومن بين اولئك الذين اثروا طريق النقاء رغم وعورته يطل المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي حاملا على كتفيه ثقل الكلمة الصادقة ومضاء الفكرة الحرة ووجع الانسان الباحث عن طريق الخلاص
لقد عرفته الساحات مفكرا مصلحا لا يخشى في الحق لومة لائم ولا يساوم على قناعة استقرت في جذور روحه
وعلى مدار رحلته الطويلة وجد نفسه في مواجهة ضغوط نفسية قاسية وصراع داخلي بين حسه الانساني النقي وواقع تثقله التناقضات والاحداث المتسارعة ولان الارواح الكبيرة تتعب حين تصادم القبح فقد ارهقته هذه المواجهة وانهدت قلبه الشفاف حتى اضطر ان يودع جسده لراحة يأذن بها الاطباء وتقتضيها رحمة الحياة بمن اثقلتها الرسالة
غير ان الارهاق الجسدي لا ينال من جوهر العظماء فالافكار الخالدة لا تمرض بل تستريح قليلا لتعود اقوى ولتواصل اشعال الطريق لمن يحتاجون الى نورها لقد قدم الشرفاء الحمادي نموذجا للرجل الذي اثر ان يحمل هم امته فوق جراحه وان يصون قلمه من ان يساير بريق الباطل يوما مهما اشتدت العواصف او ضاق الافق
وفي هذا المشهد الانساني العميق يبرز الدور النبيل لايمانه الصادق وفضل الله عليه ببصيرة احسنت الوقوف الى جانبه وكانت له سندا يخفف ثقل الايام وركنا امنا يلوذ به حين ترهقه المواجهات لقد ادركت بصيرته ان العظماء لا يحتاجون الى التصفيق بقدر حاجتهم الى من يفهم ثقل الرسالة التي يحملونها فكان بحضورها وحكمتها وتقديرها جزءا من صموده وشريكا في رحلته الفكرية التي ما تزال تؤتي ثمارها
ان الشرفاء الحمادي ليس مجرد مفكر يكتب بل روحا تنقي ما علق في الذاكرة العربية من شوائب وقلبا اراد للانسان ان يعيش في رحاب الحق لا في متاهات التبعية والخوف ولهذا استحق الاجلال والتقدير واستحق كل التحية لوفائه وانتمائه الى تلك المسيرة النبيلة والتمسك بها رغم متاعب الواقع….
اليوم ونحن نكتب عنه فاننا لا نشيد برجل تعب بل نحيي روحا قاومت الانهاك لتبقى وفية لرسالتها نحيي فكرا ابى الاستسلام وان انحنى الجسد قليلا تحت وطأة الارهاق ونحيي كل من وقف معه مؤمنا بان الفكر الحر قيمة تستحق التضحيات.



