مختارات

قراءة مقارنة بين قصيدة حينما ألتقيك للدكتور نبيل طعمة وبعض نصوص نزار قباني في قراءة منهجية لشاعريتهما

مشغل الصوت

قراءة: محمد خالد الخضر

تعددت الوجهات والإتجاهات التي اتخذتها تجارب كل من الشاعر نزار قباني والأديب المفكر نبيل طعمة في المعاني والأساليب بحثا عن حقائق وتنقيبا عن مقاصد..قد يكون لهذه المقاصد نتائج إيجابية يهدف إليها كل منهما .

وفي نتيجة النص الشعري هواستجابة نفسية وفكرية يحمل موضوعات أثرت بعواطف الإثنين ولكل منهما تشكيل موضوعي وجمالية تختلف عن الآخر تستقطب من يتلاءم ويتأثر عاطفيا مع الفكرة المؤججة للوجدان.

عند نزار قباني يولد النص بعد تخيلات كثيرة عبر مراحل متنوعة وخاصة فيما يخص المرأة فأغلب نصوصه قد تبتعد عن الواقع ويؤسسها بالعلاقات التي تربطه بما يتخيله فيأتي نصه محملا بمتون غائبة وأحلام متنوعة ترصد خصوصيات بين المرأة والرجل منها مايقدم خدمات للواقع الإجتماعي ومنها مايسعى لاكتساب شعبية إجتماعية دون الوقوف عند نوعية هذه الشعبية كقصيدته التي يتحدث فيها عن علاقة شاذة بين إمرأتين وغيرها كقصيدته التي يقول فيها :

هو الجنس أحمل في جوهري

هيولاه من شاطئ المبتدى

وقوله في قصيدة أخرى:

ويقال عن ساقيك إنهما

في العري ..مزرعتان للفل

هي أبيات شعرية تأتي بعد مخاض طويل مرت في طقوس متعددة عبر مراحل مختلفة من تناحرات الوعي واللا وعي في ذاته يبحث من خلالها عن علاقات وحده يدرك معانيها ومقاصدها ولكنه ينفتح على كافة الأنواع الإجتماعية فقد لايتفق مع بعضهم ويتفق مع الآخر وخاصة فيما سعى إليه من خصوصيات إضافة إلى ذلك شطرين مختلفين في أبياته يقول في الأول..

سمراء صبي نهدك الأسمر في دنيا فمي

وقوله في قصيدة

الذئبة ترضع ذئبتها

وخلافا لكثير من التطلعات والنصوص التي جاءت من خلالها تسميته بشاعر المرأة نجده يتهمها بسرعة الإنهزام وعدم التمسك بمواقف عاطفية أو إنسانية كقوله في قصيدة لحمها وأظافري:

مابوسعي أن أفعل الآن شيئآ

كل ماحولنا ..دمار ..دمار

نجد هذه الأبيات تختلف بالمطلق مع قوله ..

لماذا ..منذ صرتي حبيبتي

تضيئ مدادي..والدفاتر تعشب

ولست نبيا مرسلا غير أنني..

أصير نبيا ..عندما عنك أكتب

وبهذه الإنعكاسات أو التصورات أو التخيلات الوجدانية نجد أن نزار قباني شاعر يتطلع إلى تأسيس حالات وعلاقات إجتماعية ليس واضحا ماهي المقاصد من خلالها فليس هذا البيت يقدم أي فائدة نظرا لخصوصيته ولا أية حالة تطور..

سمراء صبي نهدك في دنيا فمي

نهداك نبعا لذة حمراء تشعل لي دمي

وفي الوقت عينه نجد أن نبيل طعمة يختلف تمامآ في تخيلاته وتصرفاته وعلاقاته العاطفية مع المرأة..فهو أيضا يميل إلى العفوية والبساطة التي يغزل ويصوغ من خلالها الفاعلية التصويرية بطريقة تحير القارئ بمايريده له ولنفسه فمن يقرأ عنوانه حينما ألتقيكي إلى أكثر من إتجاه كقوله:

لم يعد لي ..في وطني ..سوى أنت والتراب..وآهات شوق حزين..

لم يعد لي .. في وطني ..إلا شجرة جوز..

وعصفورتين .. وشاطئ أمين

لم يعد لي..في وطني .. إلا وطن

يملؤني إلا الحب والحنين

ترتبط هذه اللوحة العاطفية بنتيجة مامر به الشاعر من حالات عشق وحب أخذت العنوان معها ليصل إلى كل أنحاء اللغة والدلالة والمثل والمتغيرات ثم تأتي النتيجة لأن كل هذا الحب هو الوطن ومافيه من حب وحنين .

وفي القصيدة عينها يقول:

يازهرة الياسمين..أمر بجانبك

يجذبني من طرفي ..عطرك..ليقابل وجهي ..وجهك..أقطفك ..أضمك

أشم لون وجودي..

فأعرف أني ..

أعيش ضمن مساحات شآمك

لقد ناقش نبيل أهل اللغة بأنواعهم وهادنهم ..وحاول أن يقنعهم بتحولاته الشعورية والشعرية ليأخذهم معه بشكل وجداني وعاطفي إلى أحب مافي قلبه وهي الشام ..فيجعل القارئ والمتلقي يظن أنه ثمة حب بين رجل وإمرأة ولكن في الحقيقة هناك نزعة صوفية تصل في النتيجة إلى حب الوطن والبلد وبهذه النزعة الصوفية تتميز الحركة الوجدانية لترفع القيمة المكانية لمكانة النص عند المتلقي .

وفي القصيدة التي يبدأ بها بقوله حينما ألتقيكي:

حينما ألتقيكي..تقاطر المطر

كان ذلك من سنين

حولتي وجهي الترابي العطش إلى طين

يتأمل القارئ ويذهب مع حالة حب وانسجام بين ذاتين لكن نجد من خلالها توحد بين الذات وهو مكتوب لإن مايتابعه القارئ يزرع في قلبه الحيرة والقلق فكل تحولات الحب تصل إلى نتيجة يقول فيها :

كم تحبين غزة ..وقانا..والمقاوم

دعيني أحبك أكثر..دعيني الآن أغادر ..

أريد أن أغدو مقاوم

تختلف كما وجدنا الحالات النفسية والفلسفية عند الإثنين وإن تمسك نبيل طعمة بحبه لبلده ولوطنه هو حالة وجدانية عليا فكلاهما يحب الشام ..وكلاهما ينتمي إلى الشام فهو يجد أن كل حالة حب تبدأ بها ويصوغها بأسلوب تصوفي وفلسفي ونزار قباني برغم قدرته العملاقة ذهب إلى كثير من الحالات التي يقف عندها البعض ويؤيدها الآخر وفي النتيجة ماأجمل الشام التي تنجب هؤلاء وأمثالهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى