محمود درويش يكتب: علاج التوحد يبدأ بالوعي والصبر وليس بالدواء فقط”

مشغل الصوت
كيف تكتشف الأسرة ان لديها طفل يعاني من التوحد، وفي حال اكتشفت المشكلة كيف يستعد الأهل للتعامل معه وما هو الدور المطلوب من العائلة والمختصين والمدرسة من أجل معالجة التوحد عند الأطفال وإدماجه في المجتمع؟ أسئلة طرحناها على أ .محموددرويش استشاري الصحة النفسيه الذي تحدث لـ«شبكة مستقبل مصر » عن أهمية التشخيص ودور الأهل في التخفيف من حدة التوحد.
يقول:»الطب متحير في علاج التوحد إلى حد ما، والتوحد شيء يكتشف في الطفل في عمر أقل من ثلاث سنوات. الطفل تكون عنده صعوبة في الالتحام مع من حوله على غير طبيعة الأطفال حيث الإلتصاق بالأم والأب ومن حوله. طفل التوحد منعزل ويفضل الابتعاد عن الآخرين طفل ويختلف عن غيره من الأطفال أيضا كون لديه مشكلة في تأخر الكلام ويقوم بعمل متكرر بلا فائدة ولا يستطيع التفاعل مع الآخرين».
ويضيف: ان التوحد فيه حالات بسيطة إلى شديدة وتختلف بين طفل وآخر وحتى تلاحظ الأم أن طفلها يعاني التوحد يجب ان تكون قريبة منه وتنتبه لسلوكياته. من المفترض ان الطفل المريض يحب ان تحتضنه أمه وتشعره بالحنان وينظر مباشرة إلى عينيها بينما طفل التوحد يكره تماما ان ينظر لأمه بشكل مباشر، هو يحادثها ونظره في مكان آخر، يهرب ويكره ان تحتضنه أو تقبله أمه ولا يشعر بالغيرة كباقي الأطفال، له لعبة مميزة يلعب معها وإذا لم يجدها كل يوم يبكي بكاء شديدا فحياته كلها مع هذه اللعبة، وهو يتعلق بشيء بعيد تماما عن البشر من حوله.
ويشير أ.محمود إلى مشكلة أخرى يعاني منها الطفل المتوحد وهي التأخر في التعامل مع اللغات أي الكلام، وفي نطق الحروف والجمل، عندما تكون هذه الحالات في الطفل ويشعر الأب أو الأم أن هناك شيئا غير طبيعي وقتها يجب أن تستشير الأسرة طبيب الأطفال.
وهي تؤكد ان الطبيب لا يستطيع من جلسة واحدة ان يشخص الحالة إذا كانت توحدا أو غيره من الأمراض فالأمر كما يشير يحتاج إلى جلسات وبعض الاختبارات يقوم بها المختص على أيام حتى يصل إلى التشخيص الدقيق.
كيفية العلاج:
وعن أهمية التشخيص وكيفية العلاج يقول: عندما يشعر الأب والأم أو يلاحظان ان هناك أمرا غير طبيعي يجب استشارة طبيب الأطفال فورا، فهو يأخذ الخطوة الأولى ويوجه الوالدين إلى أين يذهبان وذلك بعد التشخيص ومعرفة المشكلة، طبيب الأطفال يقوم بإجراء اختبار مبرمج من خلال جداول يضع فيها علامات مثل صح أو خطأ في أوراق خاصة يستعملها في جلساته المتعددة مع الطفل. هذه الجداول والأسئلة تعطي الطبيب فكرة عن مدى استطاعة الطفل مثلا النظر بشكل مباشر إلى عيني الطبيب وذلك من خلال طرح الأسئلة عليه.
ويتابع: الحوار يأخذ وقتا كبيرا من الطبيب وللطفل ملف خاص به توضع فيه ملاحظات الطبيب والفحوصات المتعددة وعند الطبيب ملف آخر خاص بالأب وآخر بالأم حيث يسأل كل منهما على حدة حتى يصل إلى تشخيص أقرب إلى طبيعة الحالة التي يشكو منها الطفل. وبعدها يجمع الملاحظات ويستخرج النتائج التي من خلالها يكتشف ان كان الطفل يعاني التوحد أم لا.
وعن أسباب المرض يقول: لا توجد معلومات دقيقة تشير إلى السبب. يحدث التوحد في الأطفال ناقصي النمو وفي التوائم وفي الأولاد أكثر من البنات بأربعة أضعاف هذا ما توصلت له الدراسات لكن هذا ليس معناه على الإطلاق أننا نعلم أسباب المرض.
وفيما يخص طبيعة الأمراض المرتبطة بالتوحد فيوضح ان هناك مشاكل عديدة لهذا المرض، فممكن ان نجد الطفل لا يحب التواصل مع الناس وعنده مشكلة في الكلام، وان تصاحب التوحد أمراض أخرى كالصرع الوراثي وهنا تكون الصعوبة أكبر في العلاج. بعض أطفال التوحد تظهر عليهم سلوكيات كالعنف وممكن ان يضرب ويؤذي نفسه.
وأحيانا أخرى يكون خاملا، الطفل المتوحد ليست لديه مشكلة في الأكل بل في التعامل مع الآخرين وفي الكلام والعزلة وبعض الأطفال تكون عندهم مشكلة في الانتباه أو التركيز وفرط في الحركة، تجده بصور وأنماط مختلفة وتتفاوت في قوتها وضعفها بين طفل وآخر.
كيف نتعامل مع مرض التوحد؟
يحذر أ.محمود من الخلط بين مرض التوحد ومرض مشابه يكون الطفل فيه عنيفا وكثير الحركة، فطفل التوحد لا يرغب بالتفاعل مع من حوله. مشيرة إلى ان الإبتلاء من الله سبحانه وتعالى يختبر فيه الأب والأم ولا نستطيع ان نقول ان هناك علاجا يزيل المرض تماما ولكن هناك علاجات تجعل حياة الطفل أفضل وتوجيهات تجعل من حوله يسيطرون على الأمر.
وبعد تشخيص المرض من قبل الطبيب لا يستطيع ان يتعامل وحده مع هذا المرض، ويبدأ بتوزيع الأدوار على المتخصصين، فلو وجد مشكلة في النطق يرسل الطفل إلى متخصص في المخاطبة ولو كانت المشكلة أن الطفل عنيف يرسله إلى طبيب نفسي وقد يحتاج الطفل إلى علاج دوائي حتى يقلل من الأدوار العنيفة.
المدرسة والطفل المتوحد
المدرسة في الدول الغربية توجه اهتماما كبيرا جدا لأطفال التوحد، هذا ما يؤكده أ/ محمود من خلال تجربته الطويلة في تأهيل الأطفال مضيف انه ليس كل أطفال التوحد يستطيعون ان يدخلوا المدارس العادية ونسبة كبيرة منهم يتعلمون في مدارس خاصة بهم. أما الطفل الذي يذهب إلى المدرسة العادية فيكون قد عولج مبكرا وبالتالي يستطيع ان يندمج إلى حد ما مع الأطفال الآخرين ببعض المساعدة من المعلمين والتوجيه.
وبالنسبة لمسألة الأداء يقول: نجد تفاوتا شديدا بين أداء طفل التوحد في مادة الرياضيات التي لا تحتاج إلى تواصل اجتماعي وبين مواد مثل اللغات أو الاجتماعيات فهناك تفاوت في الدرجات غير عادي بين الاثنين، المدرسة تستطيع ان تحتضن الطفل ولا نجد أي تمييز ضده ولكن يتم تهيئة المدرسة العادية بحيث تستوعب طفل التوحد إذا كان ذلك بأمر من الطبيب. وذلك يحدث عندما يكون الأهل قد انتبهوا إلى هذا المرض بشكل مبكر فبالتالي بدأ العلاج مبكرا وحين يصبح في عمر 5 أو 6 سنوات يستطيع طفل التوحد ان يندمج في المدرسة العادية، حيث تعطى للمعلمين دورات تعلمهم كيف يتعاملون مع طفل التوحد أما إذا كانت الحالة متوسطة أو شديدة فينصح الطبيب بوضع الطفل في مدرسة خاصة بالتوحد لأنه لن يستفيد في المدارس العادية وسيؤثر سلبا على الأطفال الآخرين.
وعن أهمية المدارس الخاصة بالتوحد وتأثيرها الإيجابي على الطفل يقول: لا يوضع الطفل في الصف حسب عمره انما حسب تجاوبه وأدائه وتفاعله. وهناك نماذج رائعة نراها في المدارس الخاصة بالطفل المتوحد لأنها معدة اعدادا يشرف عليه نخبة من العلماء وفريقا مدربا تدريبا رائعا بحيث يستطيع ان يتعامل مع هذه الحالات بصبر شديد جدا هي ليست عملية سهلة هناك دراسة وأساليب تتطور بشكل مستمر في السنة يعقد مؤتمرين للتوحد، للبحث عن السبل الافضل لإدماج الطفل المتوحد في محيطه والسؤال المطروح دائما كيف نستطيع ان نقدم الأفضل للطفل المتوحد بحيث يستطيع ان يندمج في المجتمع.
وينصح أ / محمود بالتعامل مع تعليمات الطبيب بشكل دقيق لأن التفاعل مع الطفل يجب ان يكون بقيادة الطبيب فهو من يدل الأم والأب كيف يتفاعلان مع طفلهما خاصة ما بين الجلسات، وان عليهما ان يتحلا بالصبر، صحيح انه لا يجب التقليل من حجم المشكلة لكن نحاول جاهدين ان يعيش الطفل حياة طبيعية وان يندمج في المجتمع وان نخفف من حجم المشكلة على الأسرة. كما ينصح بعدم تعنيف أو ضرب طفل التوحد أو إهماله أو اشعاره بأنه غير مرغوب،بل التعامل معه بحب وحنان داخل البيت وعدم مقارنته بإخوانه فهي مشكلة لا تختفي كل ما نريده ان يخرج من العزلة او القوقعة التي يعيش فيها هذا هو الهدف وليس المطلوب منه ان يكون طبيبا ناجحا او معلم الهدف ان يتحاور مع الآخرين وان يستطيع التعبير عن نفسه ويشعر بالهدوء والسكينة هو طفل مريض لا يستطيع التعبير أو تقبل الأوامر من الكبار لذلك يجب الحرص والمداومة وعدم إهمال جلسات العلاج ان كانت نفسية أو تتعلق بالمخاطبة أو بطرق أخرى مع متابعة الأهل وتأمين الرعاية والحب لطفل التوحد. وعلينا ان نفهم ان التوحد ليس إعاقة أنما هو مرض من الممكن التخفيف من حدته من خلال العلاج الدوائي والسلوكي ورعاية الأسرة.