هي أمي

مشغل الصوت
مصطفى فرج الطبولي
هي أمي،
تهوّد على حلمي، وأنا أطلق العنان للخطَل،
أضم إلى صدري آخر زُرقة للسماء،
تلك الزرقة
التي سجنت طائر بوكوفسكي،
وألبست كآبته حوارًا خمريًا
يتناسى غصة اللحظة،
كلما اجتث السؤال…!
وعاد الجواب لاهثًا إلى أقصى التعب،
إلى سجدة الشمس الحزينة
وهي تدعو الله كي تغيب حناجر السكوت….
وتدرك المساجد قيامة الحب…
المزرعة أمامي تنادي لحن اليمام،
تومئ لقلبي أن يرمي صغار الحكايا
فوق قبر أبولونيا،
وإن أكلها الخلود…!
يحثني أن أكبّل زهرة بناظري،
علّي أحصر في بداية الضوء ملامح حبيبتي،
وأفلت من بصيص تُقاي…
أمي،
الطريق طويل الحديث،
ولساني يشكو مسافة المشي،
فأنا لا أسافر سوى ‘بالغناء’،
ودندنة القصيد…
أرى حدود المنى يحرسها الدخان،
ترسمها خطى الكلاب…!
ثم ترخي ذيولها على الجداول المنسية…
وتركض بعبث بين البساتين….
هنا
شجرة ما….
تحفظ يَباس وجهي
تتأصل في الدماء
تهيىء أغصانها كرسيًا
لكل خيبة محلقة..
وهناك
ليل جائع لا تكفيه النجوم…
يذهب بتأفف الريح
إلى خفة الذكرى، وزغب الهندباء….
لكنني، وللوهم ‘المنة’
أراني
أتذوق طعم الجمال،
رغم تقاطر الشهد فوق اليباب…!
أمي،
المزرعة الآن
يملؤها أنواع من الروث،
ومقاطع من الدعاء
تفسد سهرة بغالها…!
الشعارات تنمو مع الورد،
تشوه تضاريسها الدموع، والأقلام…
لن أبالي بها…
لن أبالي…
فالمزرعة، يا أمي،
تعرف مقابر رعاتها!
سأجلس حيث يموت الزيتون،
بلا سلام يُفشي البلاء
وأشتري خنزيرًا ‘ورديًا’ يهضم أحلام المسلمين..!
لأزرع وسط الحجر أملا، وصوتًا يَذكر فلسطين.