ثقافة وفنون

من أفكار مؤسس علم الاجتماع العربي ابن خلدون 

في أصول العمران والتلاقي الإجتماعي للدكتور المهندس نبيل طعمة.

إعداد: محمد خالد الخضر 

ابن خلدون هو ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي وهو مؤسس علم الاجتماع ومؤرخ عربي من إفريقيا في عهد الحفصيين وهي تونس حالياً ترك تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم.

وفي مقدمته بحسب ما أورده الباحث في شؤون الفلسفة وعلم الاجتماع الدكتور نبيل طعمة أن التاريخ له ظاهر وباطن ففي ظاهره لا يزيد عما حصل خلال الأيام وما طرح من أقوال وأمثال وما حدث من رحلات وكيفيات الوقائع وأسبابها على مختلف أنواعها ولابد من ذكر الأحوال الملمة للآفاق والأجيال والأعصار وما تنبني عليه أكثر مقاصد المؤرخ وبنية أفكاره وطموحاته.

وفي الوقت عينه أشار المفكر طعمة إلى أن ابن خلدون يرى أن للمؤرخين والمفسرين وقع من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثاً أو ثميناً ولم يعتمدوا في عرضها على الأصول والمعايير والأسس.. وإن فحول المؤرخين في الإسلام جمعوا الأخبار في الصفحات ولكن خلطها المتطفلون بدسائس من الباطل والبدع ونقلت إلينا بشكلها المدسوس بما فيها من ترهات ولهذه الأمور أسباب تقنية لنقل الخبر وقبول الكذب وفق الانقسامات الفكرية التي خلت من منهج البحث التاريخي فتسببت بطبائع مختلفة.

كما بين الدكتور نبيل طعمة أن ابن خلدون في مقدمته بين أن بناء الدول يحتاج إلى التعاون ومضاعفة القدر البشرية لاستكمال كل المباني والبنيات الإيجابية.. وتقرر في علوم الحكمة ايضاً أنه لا يمكن افكاك أحدهما عن الآخر الدولة والملك للعمران ، وإن تخلل الخلاء والقفر بين العمران ضروري ليكون تموج الهواء يذهب بما يحصل في الهواء من الفساد بمخالطة الحيوانات.

وفي مقدمة ابن خلدون إن السياسة المدنية عند الحكماء ما يجب أن يكون عليه كل واحد من أهل ذلك المجتمع في نفسه وخلقه حتى يستغنوا عن الحكام مباشرة ويسمون المجتمع الذي يحصل فيه ما يسمى ( بالمدينة الفاضلة ) والقوانين ، المراعاة في ذلك بالسياسة المدنية وليس مرادهم السياسة التي عليها أهل الاجتماع بالمصالح العامة.. فإن هذه غير ذلك وهذه المدينة الفاضلة نادرة أو بعيدة الوقوع.

وقد تحصل الحضارة الكاملة التي تبدأ من تدبير المنزل ومعاشرة أبناء الجنس الواحد وتحصل الآداب في مخالطتهم ثم القيام بأمور الدين واعتبار آدابها وشرائعها ثم الوصول لحضارة متوازنة بسبب وجود حضارات زائدة ومتفاوتة لأن العرب أغلبهم بعيداً عن الحضارة وبنياتها.

وبيّن الدكتور طعمة في كتابه أن ابن خلدون تجمعت في شخصيته العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخاً حقيقياً مبيناً ما رآه على ماهية التصوف وسلف المتصوفين وآدابهم ومعارفهم ومصطلحاتهم.

ومن خلال ما بحثه الكتاب أصبح من المسلم به أن ابن خلدون من أهم مؤسسي علم الاجتماع أو علم العمران البشري كما يسميه وإن أخلاق الدول التي تبنى على علم العمران البشري تبدو من خلالها أطوارها المختلفة ومنها طور الظفر والاستبداد والفراغ والقنوع والمسالمة مبيناً أنواع تلك الدول وقوتها وما تتعرض إليه في دعائمها وجذورها وسلطاتها وعدالتها وسياستها وما يمر عليها من خلافات وولايات وأنبياء.

وفي الحكم وآلياته بحسب ما جاء به طعمة أن ابن خلدون أظهر دور العصبية في مقدمته وذلك في الوصول إلى قيادة المجتمع البدوي والحكم بالقهر والعصبية والحضارات والثقافات التي تختلف من خلالها نوعية الحكام وما يؤثر به الإبداع والمعرفة والحكم بالتعاقب والتغالب وطبائعهما وضرورة مراعاة مصالح الناس والابتعاد عن الترف وما يؤدي إلى الهلاك والخراب وقصر العمر البنائي الإنساني الذي يسببه فساد المزاج والمجاعات.

لذلك رأى ابن خلدون ضرورة الاتطلاع على العلوم الشرعية من فقه وتفسير وضرورة حصول الفقهاء والمجتهدون على الأحكام والأدلة التي توصلهم إلى أصول الفقه وعلم اللسان والابتعاد عم الزيف واحترام الخلاف الفقهي للوصول إلى الحقيقة ومعرفة مصادر التشريع وأهمها القرآن والسنة.

وقال الدكتور طعمة في كتابه : وصف الكتّاب الغربيون ابن خلدون بأنه اعتمد على التقديم العلماني للتاريخ والذي يربط العلم بالأديان معتمداً على ركائز المعرفة وتسليط الضوء على الذين قدموا ما يؤدي إلى أسس إيجابية مثل ابن بطوطة وأصول التعليم والمعرفة التلقينية والتعليم بالعقل والعلوم وما قدمته .. ومنها الطب والحساب والرياضيات والهندسة وغير ذلك مثل الكيمياء وما قدمته من أدوار هامة مختلفة .. وإن تعامل ابن خلدون من أهم خصاله ومنها الإسلامية المنطقية تعامله مع تيمور لينك مثلاً وذكائه وكرمه ، وتعريفه للعرب وبعدهم عن السياسة لأنهم أكثر بداوة من سائر الأمم قياس بالحضريين وما يتحلون به من ذكاء.

وأضاف أن هناك أصناف للنفس البشرية مختلفة في سلوكياتها ومراتب إيمانها ومعارفها .. وسلوكيات أخرى تعرض لذكرها بتقليد المغلوب للغالب .. ومنها الرؤية وأضغاث الأحلام والإصابة بالعين والحديث عن المعجزات والسحر .. وتعرض أيضاً لتلازم الصناعة والحضارة والترف والصناعة والحضارة والترف .. وورد في الكتاب المعنى العلمي للفلاسفة ونقاشهم لبعض المقولات الفلسفية والبراهين على الرؤى والسعادة وأهمية تجديد العقل فلابد من ضرورة الاتطلاع على الكتاب لما فيه من رؤى ونظريات وطروحات تستوجب قراءة كثيرة ولا سيما أنها طرحت بأسلوب منهجي تطبيقي يدعنا نقف أمام الحقيقة التي وصلت إلى المذاق الصحيح وبطلان صناعة النجوم ومضارها والتمسك بالمنطق واختيار الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى