سياسةمقالات

جيوبوليتيكا الصراعات: نحو إعادة تشكيل موازين قوى البحار فى المنطقة العربية 

مشغل الصوت

بقلم أ.د منى صبحى نور الدين أستاذ الجغرافيا الإقتصادية والنقل ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية للدراسات العليا جامعة الأزهر

 

-ظهر مفهوم الإقتصاد الأزرق مع تزايد أهمية الموارد الاقتصادية والأهمية الجيوستراتيجية للبحار والمحيطات والتى تعد المبدأ الأول فى نظرية القوى فمن يسيطر على البحار يسيطر على العالم والآن يتشكل العالم البعيد والقريب من جديد ما بين حروب تجارية وحروب المياه وحروب المضايق وحروب الطاقة .

وأصبح الرهان من الدول العظمى على قلب المنطقة العربية ما بين البحرين المتوسط والأحمر .

وفى الوقت الذى أعلنت فيه مصر عن رؤيتها فى كونها مركزا لوجيستيا على طريق التجارة العالمية ومركزا للطاقة لدول البحر المتوسط خطت خطوات واسعة فى ظل تحديات اقتصادية كبيرة لسلاسل الإمداد العالمية وخاصة فى الخمسة سنوات الماضية منذ الكوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير 2022 وحرب غزة فى أكتوبر 2023 وعمليات القرصنة والحرب فى مضيق باب المندب والاتفاقيات الدولية بخصوص غاز شرق المتوسط نجد أن الدولة المصرية تواجه صراعات كبيرة ليس على الخطوط الحدودية فقط من الشرق وممر فيلادلفيا والغرب خط 25 بين مصر وليبيا وخط 22 شمالا بين مصر والسودان وإنما العمق الاستراتيجي الحدودى والذى يجب أن يمتد فى عمق الداخل ففى الحدود الشرقية ممر فيلادلفيا وسيناء ورفض التهجير القسري وكان المبدأ الأول فى نظرية الأمن المصرى دافع عن سيناء تدافع عن القناة تدافع عن مصر جميعا موقعا وموضعا صحراء وواديا حدودا وعمقا .

ومن الغرب حينما أعلنها الرئيس السيسى .. سرت خط أحمر وفى الجنوب عندما تم الاعتراف من قبل السودان بالخط الحدودى خط 22 . وبعد اتفاقيات الغاز بين مصر واليونان 2020 …

الصورة التى تبدو عليها مصر يقف خلفها كواليس المشهد الجيوسياسي فى المنطقة والصراعات حول المياه فى البحرين المتوسط والأحمر ففى الأخير لقد أثرت الحرب والقرصنة فى باب المندب وهو المدخل الجنوبي المؤدي إلى البحر الأحمر وقناة السويس ولقد عانت قناة السويس اهم شريان ملاحى عالمى من إنخفاض أعداد السفن المارة بها إلى ما يقرب 20% والتفاف السفن العالمية حول طريق رأس الرجاء الصالح وتغير خريطة سلاسل الإمداد العالمية .

وفى ظل مجابهة تلك الحروب تظهر الأهمية الجيو إقتصادية لباب المندب بعد أن كان البحر الأحمر بمثابة بحيرة مغلقة وزادت أهميته بعد حفر قناة السويس نجد الآن تتعرض المنطقة إلى عملية تدويل من خلال سيطرة القواعد العسكرية من الدول العظمى فى تلك البقعة الهامة وبعد انفصال إريتريا عن إثيوبيا أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة والآن تطالب بفتح منفذا لها على البحر الأحمر وتطالب بإقليم صومالى لاند من ناحية وتوترات سياسية أخرى مع إريتريا فى الوقت الذى سعت فيه تركيا لإعادة أمجاد الإرث التركى فى محاولة لإعادة الخلافة الإسلامية وقيامها بدور الوساطة لتخفيف حدة النزاع بين إثيوبيا بالصومال والآن نجد الإعتراف الاحادى من إسرائيل بهذا الكيان الهلامى صومالى لاند فى 26 ديسمبر 2025 نجد أن مصر تسعى على كافة المساقات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية ومحاولة فرض السيطرة من خلال اقامة القواعد العسكرية فى الجنوب وهى قاعدة برنيس على البحر الأحمر والتى تبعد قليلا عن ميناء بورتسودان وبالتالى تأمين العمق الاستراتيجي الجنوبى واتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان واتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والصومال .

وتشغيل وتطوير محطة حاويات عالمية فى جيبوتى

وفى ضوء التغيرات الدولية الأمر تعقد كثيرا لكن الدولة المصرية دائما متيقظة لكل هذه الخطط والسيناريو هات المتعددة فى البحر الاحمر .

نجد .دول تفرض نفسها بالقوة إسرائيل وتركيا ومصر عامل مشترك بين الجميع ومصر لن تسمح بهذا الهراء الإسرائيلى الاحادى ولا الإثيوبي وترفض الإعتراف بإقليم صومالى لاند وكذلك بعض الدول العربية الرافضة لذلك فى ظل الدعم الإسرائيلى والاثيوبى .

ويمثل ذلك انتهاكا للقانون الدولي ويؤثر على زعزعة الاستقرار فى منطقة القرن الأفريقى ما بين صراعات القوى العسكرية و القرصنة على البحر وحروب إقليمية وهشاشة وضعف وإرهاب وتطرف على البر فى الداخل . ولذا فإن مصر تعلن دعمها الكامل لوحدة وسيادة الأراضى الصومالية وترفض أى إجراءات من شأنها المساس بالسيادة الصومالية .

وخاصة بعد امتداد قوة مصر الجيواقتصادية فى مساعدة تنزانيا فى السد وحضور افتتاحه فى ديسمبر 2025 بدعوة من رئيس وزراء تنزانيا فى الوقت الذى رفضت فيه مصر والرئيس السيسى حضور افتتاح سد النهضة فى سبتمبر 2025 .

 

وفى البحر المتوسط أيضا صراعات الغاز وقضايا ترسيم الحدود فى ظل اتفاقية 1982 لقانون البحار والصراعات بين دول شرق المتوسط ليبيا وتركيا واتفاقية ترسيم الحدود 2019 ضد مصر واليونان واتفاقية ترسيم الحدود 2020 والتعارض مع خط إيست ميد الواصل إلى أوروبا وغرب المتوسط وترسيم الحدود المصرية الليبية .

صراعات وحروب المضايق فى باب المندب و صراعات الغاز فى شرق المتوسط وحروب المياه والتى تهدف إلى تعطيل مصر عن هدفها فى كونها مركزا لوجيستيا عالميا ومركزا للطاقة ..

وكما ذكر جمال حمدان من أراد أن يخنق مصر فليخنقها من الجنوب

فضلا عن أن انقسامات الدول وضعفها وهشاشتها يشكل أكبر تهديد جيوسياسي ومع ذلك ستظل مصر حجر عثرة أمام الجميع تفرض قوتها وامتدادها وعمقها الاستيراتيجي .

ففى الوقت الذى أصبحت فيه مصر عقدة لوجيستية هامة بريا وبحريا على خريطة العالمية فإن صراعات القوى والاطماع فى الشرق وما يسمى بالشرق الأوسط الجديد واعتبارات أمن الطاقة وأمن المسارات الملاحية وحروب الموانئ والمضايق البحرية وهذا يؤكد وجود مصر على خريطة الخطر وأهمية موقعها الديناميكي الذى يعد من أهم مرتكزات قوة مصر الجغرافية ويقف بكل قوة أمام أى توازنات إقليمية فى المنطقة .

 

سيناريوهات الإعتراف الإسرائيلى بإقليم صومالى لاند الانفصالى

سوف يؤثر هذا الاعتراف على زعزعة الإستقرار فى منطقة القرن الأفريقى وربما ظهور عناصر إرهابية كما ظهرت قوات الدعم السريع فى السودان وخاصة إذا ما تم التعاون الثلاثى بين إثيوبيا وإسرائيل وصومالى لاند وهذا يعد تكتل مؤثر فى العمق الاستيراتيجى لمصر له تأثيره على مدخل البحر الأحمر وقناة السويس وفى الداخل يتزايد هذا التكتل ممكن يؤثر على السودان مما يمثل تهديدا إذ لم يقطع دابر إسرائيل من هذه المنطقة .

السيناريو الثانى .

تكتل دول البحر الأحمر العربية فى الجانبين ورفض التقسيم فى الصومال وإيجاد شرعية دولية لحماية أراضى الصومال فى ضوء اتفاقيات الدفاع المشترك وخاصة من الجانب المصرى وخاصة الموقف يفرض وجود الدولة المصرية القوية التى تمثل الريادة فى المنطقة العربية.

السيناريو الثالث ..

تكتل عسكرى اقتصادى جيوسياسى بالتعاون مع تركيا .

مقابل مصالح فى منطقة القرن الأفريقى باعتبارها دولة كان لها امتدادات فى جنوب شرق أفريقيا والمطالبة ببعض الجزر التى كانت تمتلكها فى البحر الأحمر مثل جزيرة سواكن .

التدخل الروسى حيث أنشأت روسيا قاعدة عسكرية بالتعاون مع إريتريا ووقوفها ضد إثيوبيا أحد دول أعضاء البريكس .

 

السيناريو الرابع . تخبط سياسى وعسكري برعاية أمريكية .

الوجود الأمريكى دوما ذكى يفرض نوعا من الصراعات تعود بالنفع عليه فى المقام الأول .

صراعات تركية .. إثيوبية

صراعات روسية .. إثيوبية

صراعات مصرية .. إثيوبية

مقابل تكتل إثيوبي إسرائيلى صومالى

 

السيناريو الخامس . خروج إسرائيل مع ضمان بعض المصالح الاقتصادية المشتركة مع إثيوبيا .

 

الوجود الإسرائيلى إذا لم يجد الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة سوف يخرج جارا أذيال الهزيمة وسوف يكتفى بالوقوف مع إثيوبيا من بعد مراعاة لمصالحه الإقتصادية .

 

السيناريو السادس والأهم

التركيز المصرى على كسب الموقف لصالحه من خلال تكتل سياسي عسكرى اقتصادى تدعمه كل من روسيا وتركيا والولايات المتحدة .

تراعى من خلاله كافة الحسابات الإقتصادية لتلك الدول .

 

إلا إذا كانت المصالح تتعلق بغاز شرق المتوسط فإن ذلك يزيد الأمر صعوبة مع تركيا وإسرائيل التى أصبحت تصدر الغاز الطبيعي من خلال مصر .

المنطقة تنتظرها الكثير من تأجج الصراعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية التى تفترض وجود دولة قوية .

كل الأسباب تؤهل مصر لقيامها بالدور المحوري فى المنطقة ما بين البحرين الأحمر والمتوسط فى ظل اتفاقيات دولية وشركات وتكتلات اقتصادية ويرجع ذلك إلى تحقيق أهداف مصر بكونها مركزا لوجيستيا عالميا ومركزا إقليميا للطاقة فى شرق المتوسط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى