مجدى طنطاوى يكتب: بين الاختلاف مع النظام والعداء للوطن

مشغل الصوت
ثمة فارق شاسع بين من يختلف مع نظام ومن يعادي وطنا
فالاختلاف مع النظام شأن مشروع هو من صميم الوعي السياسي ومن جوهر الحرية التي تحفظ للأوطان عافيتها أما العداء للوطن فهو سقوط أخلاقي لا يبرره غبن ولا يطهره ادعاء إذ لا يكون حب الوطن مقيدا برضا أو سخط بل هو انتماء لا ينفصم وشريان لا ينقطع
ما أشد ما يؤلم أن ترى بعض من يزعمون المعارضة وقد استبدلت في قلوبهم البوصلة فصاروا يرون في كل ما يصدر عن مصر موضعا للتسفيه وفي كل نجاح تتحقق به كرامتها مادة للسخرية والانتقاص تراهم يتربصون لا انتظارا للإصلاح بل تشفيا بكل ما يمس اسمها حتى كأنهم لا يعارضون نظاما بل يناصبون الوطن نفسه العداء
إن مصر تلك التي علمت العالم معنى الدولة وغرست في ضمير الأمة بذور الحضارة والكرامة لا تُقاس بسلطة عابرة ولا بمرحلة من مراحل الحكم مصر أكبر من كل حاكم وأبقى من كل نظام لأنها الفكرة التي تسكن القلب قبل أن تسكن الأرض والهوية التي لا يُمكن أن تُختزل في سياسة أو شعار
من أحب مصر حقا فليعارض من أجلها لا عليها ولينتقد ليبني لا ليهدم أما أولئك الذين جعلوا من معارضتهم مطية لتشويه وجهها فليعلموا أنهم ما أساؤوا إلى النظام بل أساؤوا إلى أنفسهم وإلى أمتهم قبل أن يُسيئوا إلى مصر
مصر لا تحتاج إلى من يتملقها بل إلى من يخلص لها ولا تطلب من أبنائها تقديسا بل وفاء صادقا وغيرة على مجدها القديم وحلمها الذي لا يموت فليبق الخلاف سبيلا إلى النهوض لا معولا للهدم وليكن صوت المعارضة ضميرا للوطن لا صدى للحقد عليه



