اسلاميات وعقائد

المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: ردًّا على المجرمين الذين شوَّهوا رسالة الإسلام واعتدوا على الرسول  

مشغل الصوت

-الرد على المجرمين الذين شوَّهوا رسالة الإسلام واعتدوا على الرسول بالتشويه بكل السبل، أصبح ضرورة وتكليف، لأنهم تسببوا في أن يبتعد الناس عن الدخول في الإسلام، ويتحقق لليهود هدفهم في هجر القرآن، وقد نجحوا في تخطيطهم الخبيث وما زالوا حتى اليوم.

ونظرًا لأن الذين ظنّوا أنهم مسلمون لم يرجعوا إلى المرجعية الأصلية لدين الإسلام وهي الآيات القرآنية، فإن الله أمر عباده تكرارًا ومرارًا بالتفكر في القرآن والتدبر في آياته ليفرقوا بين الحق والباطل، ولكنهم لم يتبعوا كلام الله فوقعوا في المصيدة. ولو قرؤوا الآيات التالية لتغيّر مسار الإسلام وشريعته ومنهاجه، ولجعل العرب سادة العالم، دعاة للسلام والإصلاح، تتحلى أخلاقهم بصفات الأنبياء.

ولتحولت أوطان المسلمين إلى جنات النعيم؛ لا ظلم فيها ولا قهر، لا عدوان ولا سفك دماء، لا خوف ولا فزع. تسكنهم الطمأنينة، وسلوكهم الرحمة، ويتعاملون بالعدل واللطف والرأفة والعفو والتسامح، لا استعلاء لقوم على قوم، ولا جرائم تُرتكب، ولا سرقات، ولا نساء تُغتصب. يطبقون شرع الله ومنهاجه، ويتعاونون على البر والتقوى، ولا يتعاونون على الإثم والعدوان.

وكأنهم لم يقرأوا ما بلّغهم الرسول في الذكر الحكيم، قول الله سبحانه مخاطبًا رسوله عليه السلام في خطاب التكليف الإلهي: (فذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد) – سورة ق، الآية 45.

ولم يفهموا حكم الله القاطع والحاسم في خطابه لرسوله الأمين بصيغة استنكارية: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق، فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) – سورة الجاثية، الآية 6.

لقد أسقطت هذه الآية كل الروايات التي أُطلق عليها “حديث نبوي”، بل كانت مؤامرة خبيثة من اليهود كي يبقى العرب بالذات صمًّا بكمًا عميًا لا يفقهون. وهكذا انطلت الخدعة العظمى على العرب، فتركوا كلام الله الذي وضع لهم أحكام العبادات وتشريعات المحرمات والنواهي، وبيّن لهم المنهاج الإلهي الذي يجعلهم أعظم قوم في الأرض بأخلاقهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، التي نستسقي من صفات المؤمنين في القرآن أعظم الصفات: الرحمة، والعدل، والتسامح، والتعاون، والرأفة، والغفران.

وسيظل العرب – للأسف – يلهثون وراء عدوهم، بل والأدهى والأمر أن يتحول الأشقاء إلى أعداء، ويحدث بينهم الصراع والقتال وسفك الدماء؛ قوم تركوا كلام رب العالمين واتبعوا أولياء الشياطين، فتاهوا في الأرض يضربون أعناق بعضهم دون مبرر، ويقدّمون خدمة جليلة للمتربصين بهم ليستعمروا أوطانهم ويسوموهم الذل والعذاب وينهبوا الثروات.

وتحوّلوا بإرادتهم إلى عبيد يقبّلون أقدام قاتليهم، ويشكرون لهم كل إهانة وإذلال، ويتسابقون إلى طاعة وليّ نعمتهم، وينسون خالقهم الذي فجّر لهم الثروات من الأرض، كما نسوا سقوط أممٍ سادت ثم بادت قبلهم. فاعتبروا يا أولي الألباب!

انظر كيف لم يستوعب العرب ثلاث آيات فقط، تحميهم من الانزلاق في الحروب والكوارث والمآسي، وتجعلهم أقوياء يخيفون أعداء الله ورسوله وأعداءهم. ثلاث آيات تبين مدى السقوط في أحضان أولياء الشيطان، وهي كما يلي:

1. (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا). تفرّقوا وتقاتلوا وسفكوا دماءهم، فاستغل الأعداء تفرّقهم، وفتحوا لأنفسهم باب النصر ليستعبدوهم وينهبوا ثرواتهم.

2. (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). تنازعوا وتصارعوا على الدنيا والسلطة والزعامة والغنائم، ففاجأهم عدوهم وهم في شجارهم مشغولون، فانقضّ عليهم كما ينقضّ الذئب على فريسته. لم يطيعوا الله، ولم يتبعوا ما أمرهم به، ويدّعون أنهم مسلمون.

3. (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان). لم يتخذوا تحذير الله لمصلحتهم وأمنهم، بل تحاربوا وتقاتلوا وسفكوا الدماء منذ معركة صفين بين علي بن أبي طالب ومعاوية. فهل تعلّموا من مجلس الرسول عليه السلام الذي كان يتلو عليهم القرآن ويعلمهم مقاصد الآيات لمنفعتهم؟ كلا.

ومنذ تلك اللحظة تجمّد الإسلام في حروف المصاحف، ليُقرأ في التعازي والمناسبات والمؤتمرات، واستُخدم القرآن للتبرك به وتعليقه على الحيطان، فتوقف نوره وانسحب من حياة الإنسان. وهكذا أصبحت اللحى وتقصير الثياب وشرب بول البعير هي أهم مبادئ الذين ظنّوا أنهم مسلمون.

فنحن في أمسِّ الحاجة اليوم إلى ردِّ اعتبار القرآن الكريم، ونحمد الله ونشكره على رعايته للناس، إذ أرسل لهم الرسل والأنبياء والآيات بكلماته، لتنير الطريق للإنسان ليحقق له الأمن والسلام والاستقرار تحت مظلة الرحمة والعدل والإحسان. ونهى الإنسان عن الظلم والعدوان، بل أمره بالتعاون مع غيره من الناس لما يحقق منافعهم في الحياة الدنيا.

وإنني لحزينٌ جدًا حينما يعاتبنا الله سبحانه بقوله: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى