أخبار عربيةسياسةمقالات

علي محمد الشرفاء يسأل… أين الحكومة الفلسطينية التي تُمثل الشعب الفلسطيني؟

مشغل الصوت

في لحظة سياسية فارقة تمر بها القضية الفلسطينية، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوة واضحة وصريحة إلى المجتمع الدولي مطالباً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهذا كلام رائع، ولكن هذا الاعتراف يقتضي أن تكون هناك حكومة فلسطينية موحدة تُمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني، وتملك الشرعية والتحويل الكامل لاتخاذ قرارات مصيرية باسمه.

الاعتراف بدولة دون حكومة موحدة لا يُجدي نفعاً

من الضروري أولاً أن تتواجد حكومة فلسطينية حقيقية تُمثل الشعب الفلسطيني لا مع كيانات مفككة أو فصائل متصارعة لا تعكس إرادة الشارع الفلسطيني؛ إذ إن استمرار الانقسام وتعدد المرجعيات وغياب الصوت الفلسطيني الموحد قد أتاح لإسرائيل مجالاً واسعاً للتهرب من الاستحقاقات الدولية وسمح بتجميد الموقف العالمي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني.

حينئذ، فإن الاعتراف العالمي بدولة فلسطينية يجب أن يُبنى على أسس سياسية صحيحة تبدأ بتشكيل حكومة فلسطينية قوية وجامعة ومخوّلة بالكامل بتمثيل الشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية، بما يُلزم من قرارات لحماية حقوقه وتحديد أولويات المرحلة المقبلة نحو تحقيق الاستقلال.

تحذير من ضياع القضية بالكامل

في موقف لافت لابد من التوضيح أن القضية الفلسطينية اليوم تواجه خطر الضياع الكامل، وأن ما يجري في غزة من تدمير وتهجير ممنهج ليس سوى مقدمة لما يُخطط له في الضفة الغربية في إطار مشروع خطير لتصفية الوجود الفلسطيني من الأرض المحتلة.

وأن الصمت الدولي والتقاعس عن دعم الفلسطينيين وغياب مرجعية سياسية موحدة تمثلهم كلها عوامل تسهّل هذا المشروع وتُنذر بكارثة إنسانية وسياسية سيكون نفعها باهظًا.

لا قوة عسكرية حالياً قادرة على ردع الاحتلال

لن تسمح الظروف الإقليمية والدولية الحالية بوجود قوة عسكرية قادرة على مواجهة الآلة البطش الإسرائيلية، وأن السبيل الوحيد للمواجهة اليوم يكمن في الوحدة السياسية الفلسطينية، وتحقيق الإجماع الوطني، وتشكيل كيان سياسي قوي قادر على تحريك الدعم الدولي وتفعيل أدوات المقاومة المشروعة على كافة المستويات.

الخديعة الكبرى استغلال النصوص الدينية لتبرير الاحتلال

لقد نجحت إسرائيل على مدار عقود في تسويق رواية دينية مزيفة في الغرب مستندة إلى نصوص “التوراة” لتبرير الاحتلال وتصوير نفسها كدولة مضطهدة تسعى لاستعادة “أرض الميعاد”، بينما تصوير العرب كأعداء دائمين لليهود.

وقد نجحت هذه الرواية في تغييب وعي الشعوب الغربية، وإقناعهم بعدالة الكيان الصهيوني، في واحدة من أكبر عمليات الخداع التاريخي التي تم خلالها استغلال الكتب السماوية لتبرير احتلال أراضي الغير.

إسرائيل كعائق جغرافي لمشروع فصل العرب عن بعضهم

إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين يشكل أيضاً عائقاً جغرافياً استراتيجياً حيث يمنع التواصل البري بين الدول العربية ويسهم في تعزيز حالة التشرذم والتفكك بما يخدم مصالح القوى الكبرى الساعية لإضعاف المنطقة وتمزيقها.

دعوة لاستراتيجية فلسطينية جديدة

يبدأ الحل من الداخل الفلسطيني من خلال تشكيل حكومة موحدة تمثل جميع القوى والفصائل تمنح التخويل السياسي الكامل وتكون قادرة على قيادة المرحلة القادمة داخلياً وخارجياً.

حيث ما لم يتم اتخاذ هذه الخطوة الجادة الآن فسيواجه الشعب الفلسطيني مصيراً مؤلماً وسيجد نفسه أمام نكبة جديدة يُستكمل فيها تهجير أهل غزة أولاً ثم الضفة الغربية لاحقاً.

“وكأنك يا أبو زيد ما غزيت”

وتجدر الإشارة إلى أن كل الجهود التي تبذلها الدول العربية لن تثمر شيئاً ما لم يكن هناك طرف فلسطيني موحد قادر على اتخاذ القرار “ولا فستكون النتيجة كأنك يا أبو زيد ما غزيت” في إشارة إلى ضياع الجهود هباء في غياب الوحدة والقرار الفلسطيني المستقل.

فلسطين أرض مقدسة دنسها الاحتلال

إن هذه الأرض التي باركها الله أصبحت تحت وطأة الاحتلال يدنسها من وصفهم القرآن الكريم

“لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ”

سورة المائدة، آية 78

الخلاصــة

إن غياب حكومة فلسطينية موحدة تمثل الشعب الفلسطيني هو العقبة الكبرى اليوم أمام إنصاف الفلسطينيين ونيلهم حقهم في دولة مستقلة وعلى القوى الفلسطينية أن تعي خطورة اللحظة وتتسارع إلى توحيد الصفوف قبل أن يفوت الأوان وتضيع الأرض والهوية معاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى