فلسفة التكوين الفكري رؤى في الخطاب العربي للباحث الدكتور نبيل طعمة

كتاب يحمل تحولات وتداعيات مختلفة تشير إلى السلبيات والايجابيات التي من المفترض أن تدركها الأمة العربية من أجل توجه حضاري واجتماعي وعلمي ضمن السعي إلى الحضور الإنساني الحقيقي في مختلف بنيات العالم الاجتماعية.
وفي الكتاب إن خشية الأمة من ثقافة أبنائها ، يعني أنها تهاب الحق وتسعى لتحطيمه بدلا من مواجهة الأعداء.. وهذا ما رآه المفكر في مجال الفلسفة الدكتور نبيل طعمة .. وهذا الأمر يدفع لصناعة أشخاص من قبل الأعداء ليسوا بالضرورة على قدر من الأهمية الثقافية ويشكلون قلقا ويمكن أن تجعل متابعة هؤلاء الأشخاص معوقا للأهمية لأنهم في الواقع يمكن أن يكونوا أقل من المسؤولية الاجتماعية والوطنية.
وفي بحوثه ضمن الكتاب يسعى الدكتور نبيل طعمة إلى وجود منطلقات وطروحات تحمل الانتماء والوطن والإنسان والنهوض لواقع الأمة العربية بالرغم من وجود الإشكالية والجدل في ذلك ، فلابد منها حتى يشعر المفكر وصاحب الطرح ومن معهم أنهم متفقون ومتفوقون ولا فرق بينهم وبين الأوروبي والروسي والصيني والأمريكي وغيرهم ولا سيما أن كثيرون يتعايشون مع الأزمات بالانفعال وعدم الحكمة وغياب القانون وهذا ما سبب فشلا للتطلعات الاقتصادية والاجتماعية.
والواضح أن كتابة هذا البحث سببها أن المفكر طعمة وجد أن العالم العربي تحول إلى عوالم ودول ودويلات وإلى طوائف ومذاهب وشيع ، وكذلك الوحدة العربية التي انتهى الحلم بها فاستقى العرب ظاهرة الاستيراد للعيش بما في ذلك الزراعة ومكوناتها ولجوء المواطن العربي إلى الهجرة للبحث عن حياة أفضل.
وهذا ما سبب وجود الكيان الصهيوني الذي يعتبر نفسه الأهم أمام ما يعانيه العرب فشكل دولته على حساب ذلك.
وبحث الدكتور طعمة في أغلب تداعيات الواقع العربي المتمسك بخطابات متنوعة وذلك من خلال حواراته ونقاشاته واتطلاعاته على أعمال فلاسفة ومفكرين ولاسيما أن كثير من المجتمعات وفق استنتاجاته المنهجية أصبحت تسعى نحو لقمة العيش التي لا يمكن أن تصل إلى الواقع المنطقي الا بالوصول إلى الديمقراطية والحرية الحقيقية من خلال ثورة صناعية وزراعية وعمرانية التي استفاد منها العالم أغلبه والتمسك بمكونات الحرية الحقيقية والحداثة المنهجية.
وأشار طعمة إلى أهمية التخلص من تناقض الخطاب العربي عبر التاريخ واختلاف هذا الخطاب عن منطقية وعقلانية الآخرين ومواكبة التطور والإبداع والدراسة والثقافة وتطبيقها على الواقع المتوارث.. وضرورة وصول الخطاب العربي إلى شعوب وجمهور وردم الطبقات والهوات والتعامل مع الخطاب الإلهي بشكل تطبيقي وثائقي دقيقي بعييدا عن التزييف ولا سيما في الخطاب الإسلامي.
ومن أهم ما يستوجب مواجهته هو الخطاب العاطفي الذي يستند على فلسفة التصبير والانتظار ، والتصفير للمشاكل ومعهما يصل من الفشل التقدم ووجود التخلف والتواعد بالأفضل دون حقيقة والمبالغة والتهويل وعدم ربط الترغيب والترهيب كحالة عاطفية بالفعل وهذا ما يعطيه آثار سلبية تزرع الشك والريبة وتنشر اليأس والفوضى كما يجري في مجتمعات العوالم العربية.
فلابد من العودة للتمسك بالخطاب الثقافي في التخصيص وثقافة بناء الإنسان .. لأن ما يقوم به المثقف العربي لا يعدو أكثر من الإشارة إلى مواطن ضعف الشخصية العربية ..فالثقافة العربية هي أهم مشروع لحماية الشخصية العربية وخاصة عندما تكون عقلانية ضمن مناهج تستلهم التراث التاريخي والموروث الثقافي ، وهذا يصل بنا إلى وجود مجتمعات عربية تعرف مضمون الاستقرار الاجتماعي والخطاب التربوي البعيد عن الزيف والواصل إلى العصرنة والحداثة الحقيقية والتمسك بالوطن والشفافية والابتعاد عم التفاوت والتنظير ، ويتمتع الخطاب التربوي بصبغة الهوية الوطنية والمصير المشترك للشعب والبناء الحضاري له .. وهذه أمور يجب أن تتفق عليها الوسائل الإعلامية ولغتها من خلال التأمل والتفكير والطرح .. وأن لا يشعر المواطن العربي بخوف أمام مسؤوليته الإيجابية وعدم الاعتماد على اللغة المهيمنة ، وطرح النقد وقبوله وهذا يتفق بالوصول إلى واقع اقتصادي إيجابي ورؤية خطابية شعبوية إيجابية ترى الدين في منظار صحيح وعدم التمسك بالتفكك والتزييف.
ووصل الكتاب إلى معنى الصهيونية والتأسيس التاريخي لهذه الكلمة التي تحولت لبناء يشاد على دماء الآخرين وفكرة بناء الهيكل الثالث على دولة فلسطين لتكون يد ضاربة من أجل السيطرة على عالم الشرق الأوسط برمته من خلال فكرة الصهيونية التاريخية وحيث وصل إلى أصل تسمية إسرائيل .. تباينت التحليلات والإشارات والرؤى فمنهم من قال : إنه اسم يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم أطلق عليه هذا الإسم نظرا لعبوديته الخالصة للإله وإن معنى ( إسرو ئيل ) هي عبد الله وإسرو عبد وئيل الله وصولا إلى تعدد معاني العبرانيين إلى أن يصل إلى عبور أيرام إلى الفرات والصحراء وتجواله في المنطقة لتقوم نظرية الصهيونية بتعزيز لغة قيامة إسرائيل وتحويل هذا وغيره إلى شماعة يعلقون عليها أخطائهم مبينا أن الخطاب العربي لم يناقش حتى الآن وصول هذه التحولات إلى وجود إسرائيل أو الكيان الصهيوني إضافة إلى تداعيات أخرى مختلفة أثرت على كيان الإنسان العربي وشخصيته ولابد من السعي لمواجهتها.
إعداد: محمد خالد الخضر