أبحاثثقافة وفنونمنوعات

البنية السردية في قصص محمد غدية اتحاد كتاب الغربية

قراءة في قصص الأديب/الأستاذ: محمد محمود. غدية

الأحد ١٥ فبراير
بقلم/عيد حميدة

امتلأت الساحة الأدبية بكثير من الأسماء ولكن القليل منهم من يتركون داخل القارئ بصماتهم ….
ولقد طالعت بعض ما كتبه الأديب والقاص الأستاذ محمد غدية بعناوين ثلاثة:هاتف منتصف الليل…ثوب فى زرقة البحر. .حطب الليالى االثلجية ومن خلال هذه العناوين الثلاثة تشعر وكأنك أمام شاعر متمكن من لغته يمتلك ناصية الحرف الذي يكتب به ولغته الشاعرية التي يكتب بها تلمسها بوضوح عندما تتوغل في جمله وتراكيبه مما يجعلك تتمنى الاقتراب من هذه الشخصية فهو يتمتع بموضوعيته الهائلة وتواضعه الجم كأصدق مايكون التواضع وتلك الصفات تراها وقد امتزجت بكتاباته وطبعت بها شخصياته. وقد مررت بين سطور تلك المجموعات القصصية الثلاث التي تقع في عشرين قصة قصيرة للمجموعة الأولى”ثوب فى زرقة البحر وثلاثة وعشرين قصة قصيرة في المجموعة الثانية”هاتف منتصف الليل”أما المجموعة الثالثة “حطب الليالى االثلجية”فهى تحتوى اثنتين وعشرين قصة قصيرة. والكاتب فى هذه المجموعاتيرصد الواقع ويمنح النص القصصي مذاقا مختلفا ولديه القدرة على كشف أعماق المجتمع وكذا نفسية الشخصيات التي يرسمها في جمل قصيرة وتراكيب لغوية بسيطة وهنا تكمن عبقريةالقاص أو الروائى بصفة عامة فعندما تكون اللغة واضحة والمعاني محددة فإنك تجد المتلقى يطرح جملة من التساؤلات التي يشعر بها داخل بناء المجتمع الذي يعيش فيه كما أن اللغة التصويرية التى تجسد الواقع تستمرئ التفاصيل الحية النابضةوالتى تمنح بدورها اللحظة القصصية بناءا محكما أثناء سرد القاص لأحداثه وهنا تجد تلك الأحداث وقد تسربت داخل نفس القارئ فتملؤه فرحا وسرورا وشجنا وتعاطفا وحزنا حين تتألم الشخصيات المرسومة على الورق أمامه فيتألم لألمها ويسعد لسعادتها
ويلاحظ القارئ أن معظم هذه النصوص القصصية ترصدالممكن والمتاح وتزاوج بين الاتجاهات النفسية عندما تعبث بها الأقدار فتجعل المتلقى وسط خضم هائل من الأمواج النفسية المتلاطمة التى تحتار بين الحزن تارةوالفرح تارة أخرى يحتار المتلقى في الحصول على هذه الإجابات التى يبحث عنها فلا يجد أمامه بدأ سوى الانخراط في العمل المكتوب والامتزاج بالشخصيات التى يلمسها أمامه
وأنا أزعم أن كاتبنا يستلب مشاعر القارئ في الولوج داخل شخصياته المرسومة فتراه يهمس من قلبه ويقنع القارئ بحقيقة القصة وحقيقة بنائها أيضاً فالسرد عنده يختزل الأحداث والشخصيات ولكنه اختزال دون تقصير أو تعقيد تم يشعرك بمخزونه الكبير من الخبرة الإنسانية وذلك عندما يقدم تفاصيل الرؤى والأحداث وكأنك تشاهد فيلما سينمائيا كما في قصصه”الشك”و”دعوة لاثنين”و”مدارات”فكلها تقدم الملامح الإنسانية الواقعية لمجتمعنا الذى نعيش فيه فيجتمع فيها العقل والوجدان معا في تركيبة هائلةتشد القارئ وتجذبه منذ أن تقع عيناه على تلك المجموعات القصصية الثلاث وذلك لأن الكاتب المبدع هو الذي يقدم الواقع في صورتيه الملموسة والخفية مع التركيز على القيم الأخلاقية وأهميتها
كما تظهر القصص نوعا من التواصل بين العلاقات الإنسانية سواء كانت داخليةأ وخارجية فترى للوحدة الكاملة بين المكان والزمان وكذلك بناء الشخصيات بصورة متنامية مع التركيز من جانب الكاتب على السرد الحكائى الذى يقوم على مكونات اللغة التى تضفى على النص الأدبي مزيدا من الضوء الذي الذي يعيشه أبطال قصصه ممتزجا بالخبرة الإنسانية كما في قصصه:السوق _المقهى القديم_طقوس الوجع”
والكاتب يهتم بكل مايتعلق بأبطال قصصه ويصفها وصفا دقيقا كأنه يعيش فيها ومعها بل ويشرك القارئ معه مشاركة حقيقية كما في وصفه بطل قصة الهدية . عندما يصف الساعة التى يرتديهاأثتاء إلقاء المحاضرات ثم انظر إلى وصفه للأسرة بأنها أشبه يتصل حاد يمزقه ……

كذلك قصة.أمى وريح المسك تسبقها. عندما يصف سنوات عمرها التي تتساقط كأوراق الخريف……وقصة …فتاة الإعلان….؟فعو يصفها بأنها…مختصرة الملابس.جميلة…..تبدو عليها ٱثار النعمة…. مغسولة من الهموم والأوجاع….. ثم وصفه فى قصة …وتتوالى الحكايات عندما يقول…..عيناها البنيتان….استقامة أنفها… فم صغير مبتسم دائما..فيض شبابها؛توقد ذهنها…..
واللغة والحدث متجاوران فى كل القصص تقريبا وهما يلاحقان القارئ أينما ذهب بل وتستغرق اللحظة القصصية وجودها في دنيا المفردات البسيطة التى تتخلل السرد الهادئ
..
للشخصيات وهو سرد على الرغم من هذا الهدوء الحذر سرد عميق ومقنع لدرجة عالية جدا يجعل القارئ يتفهم تلك الشخصيات مما يجعلها باقية بكل تفاصيلها قادرة على طرح أفكار هاووجودها مثل”امرأة الفصول”و”الانتظار قليلا”و”زواج سعيد”
وفي المجموعة الثالثة”هاتف منتصف الليل” ينقلنا الكاتب نقلة أخرى من تنقلاتهم المتنوعة داخل مجموعاته القصصية وأول مايلفت النظر عنوان تلك المجموعة وتجد الكاتب فى أكثر من قصة يتحدث عن الأزمة النفسية عند أبطال قصصه مثل”قليل من الحب”و”هاتف منتصف الليل”وقصة”غروب”و”المسافةبين الألفة والحلم”و”الزائرة”وهو فى تلك القصص يغوص ويتعمق داخل النفس البشرية والإنسانية لتلك الشخصيات التى يرسمهاوهو ينجح إلى حد بعيد في استخدام مقتنياته الفنية والتى كان يقصد من ورائها إحداث نوع من التراكم النفس لحياة تلك الشخصيات مع الحدث والواقع وذلك لتقديم رؤية واضحة وشفافةترصد الواقع المعاش وتحدث نوعا من التواصل فى بعض النصوص وبين نهاياتها مثل قصة”اللحاق بٱخر درجات القطار”و”سيرة رمادية”و”حطب الليالى االثلجية”و”الحسناءوالمطر”وز واج سعيد”
وقد برع الكاتب فى كتابة مايسمى بالومضة القصصية أوالقصة القصيرة جدا والتى يرمز لهابالأحرف:ق.ج.ج. ونحن نراها ممثلة في عناوينها:”الطفل”و”الحب”و”اللص”و”النجاح”و”المريض”و”الطفولة”والسعادة”و”الحكيم”و”العواصف”وحكاياته المتناثرة: الأولى والثانية والثالثة……
قلم :عيد حميدة/شاعر ومحرر صحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى